الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل تجوز الرقية بالقراءة على ملابس الطفل؟

509653

تاريخ النشر : 12-08-2024

المشاهدات : 1542

السؤال

حماتي أخذت قطعة ملابس عند شيخ؛ لكي يقرأ عليها القرآن، كنوع من أنواع تحصين الطفل، فهل هذا جائز؟ وهل يعتبر هذا أثر من الطفل يمكن استغلاله كحجاب لا سمح الله تعالى؟ أعلم أن النفع والضر بيد الله وحده، فهل يعتبر هذا من الرقية أم بدعة؟ وهل من الأفضل تجنبه، أم يجب الابتعاد عنه؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الرقية مشروعة مستحبة؛ لما روى مسلم (2199) عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كَانَ لِي خَالٌ يَرْقِي مِنَ الْعَقْرَبِ، فَنَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرُّقَى، قَالَ: فَأَتَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى، وَأَنَا أَرْقِي مِنَ الْعَقْرَبِ، فَقَالَ: مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ .

والرقية تكون بالقراءة على المريض، والنفث عليه، وبالقراءة على الماء والزيت ونحوه، وبكتب آيات من القرآن ومحوها بالماء ثم شربه أو الاغتسال أو التوضأ بها.

ثانيا:

لا حرج في القراءة على ملابس الصبي وغيره؛ لأن الرقية بابها واسع، وليست توقيفيّة، بل كل ما ثبت نفعه ولم يكن فيه محذور، فلا بأس به في الرقية؛ لما روى مسلم (2200) عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: " كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ! كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ:  اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ .

قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (4/ 170) عن الرقية من العَيْن:

"ورأى جماعة من السلف أن تكتب له الآيات من القرآن، ثم يشربها. قال مجاهد: لا بأس أن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض، ومثله عن أبي قلابة، ويُذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه أمر أن يكتب لامرأة تعسر عليها ولادها أثرٌ من القرآن، ثم يغسل وتسقى. وقال أيوب: رأيت أبا قلابة كتب كتابا من القرآن ثم غسله بماء وسقاه رجلا كان به وجع" انتهى.

وقال ابن مفلح رحمه الله: "وكان الشيخ تقي الدين رحمه الله [يعني: شيخ الإسلام ابن تيمية] يكتب على جبهة الراعف [الذي أصابه نزيف من الأنف]: (وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ).

قال: ولا يجوز كتابتها بدم كما يفعله الجهال، فإن الدم نجس، فلا يجوز أن يكتب به كلام الله" انتهى من " الآداب الشرعية " (2/ 442).

فالرقية لا بأس أن يعوّل فيها على التجربة لأنها علاج، كالتداوي.

ولهذا لا حرج أن يقرأ الإنسان على ثيابه، ومتاعه، وسيارته، ونحو ذلك.

سئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله ما نصه :

"أخبرنا أحد القراء أن أحد الأشخاص عاين سيارته، فطلب القارئ من العائن أن يتوضأ، وبعد ذلك قام هو بأخذ هذا الماء ووضعه في رديتر السيارة، فتحركت السيارة وكأنها لم يكن بها شيء .

فما حكم عمله هذا؟ وذلك لأن الذي أعرفه في السنة هو أخذ غسول العائن في حالة إصابته لشخص آخر .

فأجاب رحمه الله" :لا بأس بذلك؛ فإن العين كما تصيب الحيوان، فقد تصيب المصانع والدور والأشجار والصنيعات والسيارات والوحوش ونحوها .

وعلاج الإصابة أن يتوضأ العائن، أو يغتسل، ويصب ماء وضوئه أو غسله أو غسل أحد أعضائه على الدابة، ومثلها على السيارة ونحوها، ووضعه في الرديتير مفيد بإذن الله، فهذا علاج مثل هذه الإصابة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " وإذا استغسلتم فاغسلوا " [ رواه مسلم (2188) ] ، والقصص والوقائع في ذلك مشهورة .انتهى من " الفتاوى الذهبية في الرُقى الشرعية " ص111.

وقد ثبت بالسنة والتجربة: أن أخذ أثر من العائن، مما اتصل ببدنه، ثم وضعه في الماء، واستعمال المعيون له أن ذلك ينفع، فلا يبعد أن ينتفع الصبي بالقراءة على ثيابه.

وإلا؛ فهي رقية للملابس، لا للطفل، ولهذا  الأولى أن يؤخذ الطفل إلى الراقي ليرقيه، أو أن يقرأ على ماء فيشربه.

وأما أن هذا الأثر من الطفل قد يستعمل في السحر، فنعم، ولهذا لا يعطى هذا إلا لمن يوثق بدينه، وأنه بعيد عن السحر والشعوذة.

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب