الحمد لله.
اختلف العلماء في حكم قول الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأول.
فذهبت طائفة إلى أنها لا تقال في التشهد الأول:
قال ابن قدامة رحمه الله :
"ولا تستحب الزيادة على هذا التشهد -أي الأول-، ولا تطويله، وبهذا قال النخعي، والثوري، وإسحاق.
وعن الشعبي: أنه لم ير بأسا أن يصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه.
وكذلك قال الشافعي".
وقال: "وإذا أدرك بعض الصلاة مع الإمام، فجلس الإمام في آخر صلاته، لم يزد المأموم على التشهد الأول، بل يكرره. نص عليه أحمد فيمن أدرك مع الإمام ركعة، قال: يكرر التشهد، ولا يصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يدعو بشيء مما يدعى به في التشهد الأخير؛ لأنّ ذلك إنما يكون في التشهد الذي يسلم عقيبه، وليس هذا كذلك" انتهى من "المغني" (2/ 223).
القول الثاني:
أنه يستحب قول الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأول.
قال النووي رحمه الله:
"هل تشرع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقب التشهد الأول؟
قولان مشهوران: (القديم): لا يُشرع. وبه قطع أبو حنيفة وأحمد وإسحق. وحكي عن عطاء والشعبي والنخعي والثوري...،
و(الجديد) الصحيح عند الأصحاب: تشرع...
والصحيح: أنها تُسن. وهو نصه في الأم والإملاء".
وقال: "قال أصحابنا: يكره أن يزيد في التشهد الأول على لفظ التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والآل" انتهى من "المجموع" (3/ 460-461).
وجاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (27/ 237).
«أما الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، في الصلاة الرباعية والثلاثية، فهي سنة في القول الجديد للشافعي، وهو اختيار ابن هبيرة والآجري من الحنابلة".
وقال الشيخ ابن باز:
"إن كانت الصلاة ثلاثية كالمغرب، أو رباعية كالظهر والعصر والعشاء: فإنه يقرأ التشهد المذكور آنفا، مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ينهض قائما معتمدا على ركبتيه...
وإن ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد الأول: فلا بأس؛ لأنه مستحب وليس بواجب في التشهد الأول" انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (11/ 13).
وقال:
"أما التشهد الأول في الظهر والعصر والمغرب والعشاء: فإن الصحيح فيه أنه يشرع أن يصلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم فقط" انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (11/ 163).
والحاصل:
أنه على القول بأن الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأول مستحبة، فمن قالها اتباعاً لهذا القول فقد فعل مستحباً، ولا شيء عليه.
وعلى القول الثاني: فإن قالها سهواً فإن عليه أن يسجد للسهو استحبابا؛ لأنه أتى بذكر مشروع في غير محله في الصلاة.
قال ابن قدامة رحمه الله: "«زيادات الأقوال، وهي قسمان أيضا. أحدهما، ما يبطل عمده الصلاة....
القسم الثاني، ما لا يبطل عمده الصلاة، وهو نوعان: أحدهما، أن يأتي بذكر مشروع في الصلاة في غير محله، كالقراءة في الركوع والسجود، والتشهد في القيام، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في التشهد الأول وقراءة السورة في الأخريين من الرباعية أو الأخيرة من المغرب، وما أشبه ذلك:
إذا فعله سهوا، فهل يشرع له سجود السهو؟
على روايتين:
إحداهما: لا يشرع له سجود؛ لأن الصلاة لا تَبطل بعمده، فلم يشرع السجود لسهوه، كترك سنن الأفعال.
والثانية: يشرع له السجود؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا نسى أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس). رواه مسلم.
فإذا قلنا: يشرع له السجود؛ فذلك مستحب غير واجب، لأنه جبر لغير واجب، فلم يكن واجبا، كجبر سائر السنن" انتهى من "المغني" (2/ 426).
والله أعلم.
تعليق