الحمد لله.
هذا الخبر رواه البيهقي في “السنن الكبير” (13 / 317 )، قال: أخبرَنا أبو محمدٍ، أخبرَنا أبو سعيدٍ، قال: وجَدتُ في كِتابِى بخَطِّ يَدِى عن أبى داودَ، قال: حدثنا محمدُ بنُ عُبَيدٍ.
وابن عساكر في “تاريخ دمشق” (44 / 338)، قال: أخبرنا أبو القاسم الشحامي، أخبرنا أبو سعد الجنزرودي، أخبرنا الحاكم أبو أحمد، أخبرنا أبو عروبة الحراني، أخبرنا أبو عبيد الله الزيادي.
ومحمدُ بنُ عُبَيدٍ، و أبو عبيد الله الزيادي روياه، عن حَمّاد، حدثنا يونُسُ، عن الحَسَنِ: ( أن عُمَرَ بنَ الخطابِ رضي الله عنه أُتِى بفَروَةِ كِسرَى، فوُضِعَت بَينَ يَدَيه، وفِى القَومِ سُراقَةُ بنُ مالكِ بنِ جُعشُمٍ، قال: فألقَى إلَيه سِوارَى كِسرَى بنِ هُرمُزَ، فجَعَلَهُما في يَدِه، فبَلَغا مَنكِبَيه، فلَمّا رآهُما في يَدَى سُراقَةَ قال: الحَمدُ للَّهِ، سِوارَى كِسرَى بنِ هُرمُزَ في يَدِ سُراقَةَ بنِ مالكِ بنِ جُعشُمٍ؛ أعرابِىٍّ مِن بَنى مُدلِجٍ … ).
ورواه ابن عبد البر في “الاستيعاب” (2 / 581)، قال: وروى سفيان بن عيينة، عن أبي موسى، عن الحسن: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسراقة بن مالك: كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟ قال: فلما أتي عمر بسواري كسرى ومنطقته وتاجه، دعا سراقة بن مالك، فألبسه إياهما… ).
وأورده الإمام الشافعي كما في “الأم” (5 / 353 – 354)، قال: أخبرنا غير واحد من أهل العلم: ( أنه لما قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه بما أصيب بالعراق … ) فذكر الخبر.
وهذا خبر منقطع الإسناد ورواته مجهولون.
والأخبار السابقة أيضا منقطعة مرسلة، فالحسن البصري لم يدرك هذه الحادثة، حيث كان عمره سنتين زمن وفاة عمر رضي الله عنه.
قال العلائي رحمه الله تعالى:
” الحسن بن أبي الحسن البصري واسم أبيه يسار: أحد الأئمة الأعلام، تقدم أنه كثير التدليس، وهو مكثر من الإرسال أيضا، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر رضي الله عنه، ونشأ بوادي القرى… فروايته عن أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم مرسلة بلا شك ” انتهى. “جامع التحصيل في أحكام المراسيل” (ص162).
والخبر المرسل ليس بصحيح لانقطاع إسناده، فلا يعارض به ما صح من الأخبار المسندة الناهية عن تشبه الرجال بالنساء، وقد سبق بيانها في جواب السؤال رقم: (148059)، ورقم: (1980).
على أن ذلك لو ثبت؛ فليس فيه أن سراقة رضي الله عنه قد اتخذ هذين السوارين، ولا أنه لبسهما بعد ذلك؛ فإنهما سواران من ذهب، وهو محرم على الرجال، دع أمر التشبه بالنساء هنا.
وإنما غاية ما في الأمر: أنه وضعهما في يده، في تلك الحال: تعظيما لنعمة الله بالنصر على أعدائه المشركين، وما آل إليه أمرهم من الذلة بمخالفة أمر الله، حتى صار سوار الملك العظيم فيهم، في يد أعرابي من عامة المسلمين. وقد أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك، فتحقق خبره، ولهذا يذكر هذه القصة المصنفون في المعجزات، ودلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.
والخلاصة:
هذا الخبر لا يصح لارساله، فلا يعارض به أحاديث النهي عن تشبه الرجال بالنساء.
والله أعلم.
تعليق