الحمد لله.
أولاً:
الأصل في زكاة الفطر أن تكون من طعام البلد وقوتهم الأساسي، لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ" رواه البخاري (1504).
وما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من زبيب أو صاعاً من أقط" رواه مسلم (985).
وهذه الأصناف المنصوص عليها، ليست مقصودة بذاتها، وإنما ذكرت لأنها كانت غالب طعامهم، فإذا لم تكن بعض هذه الأصناف طعاما وقوتا في بعض البلاد، فإنها لا تجزئ.
وعليه: فإنّ إخراج الأرز في زكاة الفطر لا إشكال فيه في بلادكم.
أما اللحم: فإنه ليس طعاما، أو قوتا، في بلادكم، كما هو الحال في عامة بلاد الناس؛ وإنما هو إدام، يأتدم به الناس.
ثانيا:
إخراج الزيت والبهارات: لا يجزى في زكاة الفطر، لأنّها ليست بقوت، وإنما هو مما يصلح به الطعام، وقد يصلح به أو بغيره.
جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (6/ 44):
"والأشياء المقتاتة: هي التي تَصلح أن تكون قوتا تغذى به الأجسام على الدوام، بخلاف ما يكون قواما للأجسام لا على الدوام" انتهى.
قال القرافي: "يخرج أهل كل بلد من غالب عيشهم ذلك الوقت" انتهى من "الذخيرة" (3/ 169).
وقال الخطيب الشربيني: "ويجب الصاع من غالب قوت بلده، إن كان بلدياً. وفي غيره: من غالب قوت محله؛ لأن ذلك يختلف باختلاف النواحي" انتهى من "مغني المحتاج" (2/117).
وقال ابن القيم رحمه الله:
"وهذه كانت غالب أقواتهم بالمدينة.
فأما أهلُ بلدٍ، أو محلة: قوتُهم غيرُ ذلك؛ فإنما عليهم صاع من قوتهم. كمن قوتهم الذرة أو الأرز أو التين أو غير ذلك من الحبوب.
فإن كان قوتهم من غير الحبوب كاللبن واللحم والسمك: أخرجوا فِطرَتَهم من قوتهم، كائنًا ما كان.
هذا قول جمهور العلماء، وهو الصواب الذي لا يقال بغيره؛ إذ المقصود سَدُّ خَلَّة المساكين يوم العيد، وموَاساتهم من جنس ما يقتاته أهلُ بلدهم" انتهى من "إعلام الموقعين" (4/ 353).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "إذا لم تكن هذه الأنواع أو بعضها قوتا: فالصحيح أنها لا تجزئ. ولهذا ورد عن الإمام أحمد: الأقط لا يجزئ، إلا إذا كان قوتا. وإنما نص عليها في الحديث؛ لأنها كانت طعاما، فيكون ذكرها على سبيل التمثيل، لا التعيين. لما ثبت في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: "كنا نخرجها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام، وكان طعامنا يومئذ التمر والزبيب والشعير والأقط" انتهى من "الشرح الممتع على زاد المستقنع" (6/ 181).
وقال رحمه الله:
"والصحيح أن كل ما كان قوتا من حب وثمر ولحم ونحوها: فهو مجزئ سواء عدم الخمسة، أو لم يعدمها لحديث أبي سعيد: (وكان طعامنا يومئذ الشعير والتمر والزبيب والأقط) انتهى "الشرح الممتع على زاد المستقنع" (6/ 183).
ثالثاً:
إذا كان أقاربك الذين ذكرتهم في سؤالك ممن تجب عليك نفقتهم، كالزوجة والأولاد والوالدين، فهؤلاء لا يجوز أن تعطيهم من زكاة الفطر، وقد سبق بيان ذلك فيرجع إليه: (93845).
والله أعلم.
تعليق