الحمد لله.
صناعة الطعام وإخراجه بنية أنّ ثوابه للأموات جائز ولا إشكال فيه، وهو نوع من أنواع الصدقة، ويدل لذلك حديث ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ” أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ: (نَعَمْ). قَالَ: فَإِنِّي أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عليها” رواه البخاري (2605).
وعن عائشة رضي الله عنها : ” أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن أمي افتلتت نفسها ، وأظنها لو تكلمت تصدقت ، فهل لها أجر إن تصدقت عنها ؟ قال : (نَعَمْ) ” رواه البخاري (1322)، ومسلم (1004).
قال النووي رحمه الله:
“وفي هذا الحديث أن الصدقة عن الميت تنفع الميت ويصله ثوابها وهو كذلك بإجماع العلماء” انتهى من شرح النووي على مسلم” (7/ 90).
والصدقة عن الميت بصناعة الطعام وتوزيعة أو دعوة المحتاجين إليه مما ينفع الميت بإذن الله تعالى، ولا يحتاج إلى مناسبة فيجوز بأي وقت كان.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله
“الصدقة تصل إلى المتوفى سواء كانت الصدقة بالنقود، أو بالطعام، أو بالملابس، أو بالأوقاف أو غير ذلك، فإذا صنع وليمة، ودعا إليها الفقراء، أو أكرم بها أقاربه، وأرحامه، وجيرانه يقصد ثواب ذلك لوالده، أو أخيه، أو أمه أو نحو ذلك حصل له بذلك الخير العظيم” انتهى
ثانياً:
كون الطعام مما يحبه الميت لا يؤثر شيئا، ولا يوجب لك ولا له شيئا من الأجر!!
وإنما المدار على الصدقة، فإن تصدقت عنه، سواء بما كان يحبه، أو ما كان يكرهه: فإن أجر الصدقة يصل إلى الميت إن شاء الله. وقد حكي الإجماع على وصول ثواب الصدقة للميت.
فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها : ” أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أُمِّيَ افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا (أي: ماتت فجأة ) ، وَإِنِّي أَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ ، فَلِي أَجْرٌ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا ؟ قَالَ: (نَعَمْ)” رواه مسلم (1004).
قال النووي رحمه الله: ” وَفِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز الصَّدَقَة عَنْ الْمَيِّت وَاسْتِحْبَابهَا , وَأَنَّ ثَوَابهَا يَصِلهُ وَيَنْفَعهُ , وَيَنْفَع الْمُتَصَدِّق أَيْضًا , وَهَذَا كُلّه أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ ” . انتهى من ” شرح صحيح مسلم” (11/84).
وقال الشيخ ابن باز: ” فالصدقة تنفع الميت، ويرجى للمتصدِّق مثل الأجر الذي يحصل للميت ؛ لأنه محسن متبرع ، فيرجى له مثل ما بذل كما قال عليه الصلاة والسلام : (من دل على خير فله مثل أجر فاعله )…
وقاعدة الشرع في مثل هذا : أن المحسن إلى غيره له أجر عظيم ، وأنه إذا فعل معروفاً عن غيره يرجى له مثل الأجر الذي يحصل لمن فعل عنه ذلك المعروف ” .انتهى من ” فتاوى نور على الدرب” (14/313).
لكن الوصف المؤثر هو محبة المتصدق للمال، وشحه به، وليس محبة الميت لذلك الطعام.
وقد قال الله تعالى: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ آل عمران/92.
وهذا يشمل كل وجوه الصدقة والإنفاق.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
“قال تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}. فالتصدق بما يحبه الإنسان جنس تحته أنواع كثيرة” انتهى من “منهاج السنة النبوية” (7/184).
والله أعلم.
تعليق