الحمد لله.
الأصل أنّ المطلقة الرجعية (أي في عدة الطلقة الأولى أو الثانية) تقيم فترة العدة في بيت الزوجية، ولا يجوز لها الخروج والانتقال منه إلا بإذن الزوج لقوله تعالى ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) الطلاق/ 1.
قال السعدي رحمه الله: “أما النهي عن إخراجها؛ فلأن المسكن يجب على الزوج للزوجة، لتكمل فيه عدتها التي هي حق من حقوقه، وأما النهي عن خروجها، فلِما في خروجها من إضاعة حق الزوج وعدم صونه، ويستمر هذا النهي عن الخروج من البيوت، والإخراج إلى تمام العدة” انتهى من “تفسير السعدي” (ص869).
جاء في “الموسوعة الفقهية” (25/113):” الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلاقٍ رَجْعِيٍّ تُعْتَبَرُ زَوْجَةً ؛ لأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ قَائِمٌ ، فَكَانَ الْحَالُ بَعْدَ الطَّلاقِ كَالْحَالِ قَبْلَهُ ، وَلِهَذَا اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ جَمِيعًا عَلَى وُجُوبِ السُّكْنَى فِيهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى) : أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ)” انتهى.
وحيث إنّ زوجتك تقيم فترة الزواج في منزلها الخاص وأنت تدفع إيجاره فإنها تعتد فيه، ويلزمك دفع إيجاره حتى تنتهي العدة.
وذلك أنّ هذا البيت هو محل عشرتكم الزوجية، حيث إنّك لم تقم بإخراجها من بيت الزوجية الذي كنتم تقيمون فيه، ولا خرجت هي من بيت أقمته لها.
قال النووي رحمه الله:
“إذا طلقها وهو غائب، وهي في دار له بملك أو إجارة، اعتدت فيها، وإن لم يكن له مسكن، وله مال: اكترى الحاكم من ماله مسكنا تعتد فيه، إن لم يجد متطوعا به. فإن لم يكن له مال، اقترض عليه، واكترى. فإذا رجع، قضاه” انتهى من “روضة الطالبين” (8/423).
ثانياً:
لا يجب عليك العيش معها فترة العدة، ولا القسم لها في المبيت إلا أن تشاء، وذلك أنّ الرجعة حق للزوج ومن مقاصد وجوب العدة أن يراجعها، والرجعة تكون بالقول أو الفعل (الجماع).
وحيث لا ترغب بإرجاعها، فلا يلزمك القسم، ولا المبيت عندها.
قال البهوتي رحمه الله:
“ولا قسم لمطلقة رجعية. صرح به في المغني، والشرح، والزركشي في الحضانة، وما ثَمَّ صريح يخالفه.
ولأنها ترجع حضانتها على ولدها من غير مطلقها وهي رجعية؛ فدل ذلك على أنها ليست زوجة من كل وجه” انتهى من “كشاف القناع” (5/201).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
“قوله: “لكن لا قسم لها” يعني لو كان له زوجات أخر، فليس للمطلقة الرجعية حق القسم، فلا تطالبه بليلة ويوم كزوجاته الأخر؛ لأنها انفصلت منه.
وهل عليها ـ أيضا ـ ما على الزوجات، من طاعة زوجها فيما يقتضيه العرف؟
نعم، فلو قال لها: اكنسي البيت يلزمها طاعته مثل زوجاته الأخر، ولو قال: اغسلي ثوبي يلزمها، كالزوجات الأخر، ولهذا قال المؤلف: “لها، وعليها: حكم الزوجات”؛ فكل الأحكام التي على الزوجة أو للزوجات فهو ثابت لهذه المطلقة الرجعية، إلا أنها ليس لها قسم؛ لأنه طلقها” انتهى من “الشرح الممتع على زاد المستقنع” (13/ 187).
وجاء في “الموسوعة الفقهية الكويتية” (33/189):
“القسم للمطلقة الرجعية: ذهب الشافعية والحنابلة: إلى أنه ليس على الزوج أن يقسم لمطلقته الرجعية مع سائر زوجاته؛ لأنها ليست زوجة من كل وجه” انتهى
ثالثاً:
أما بالنسبة للعدة، فعدة المطلقة الرجعية التي تحيض ثلاث حيض كاملة بعد الطلاق، بمعنى أن يأتيها الحيض وتطهر، ثم يأتيها وتطهر، ثم يأتيها وتطهر؛ فهذه ثلاث حيض كاملة، سواء طالت المدة بينهن أم لم تطل، لقوله تعالى: ( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ).
وعليه؛ فـإن الذي مر من عدة زوجتك -حسب السؤال- حيضة واحدة، وعليك الانتظار حتى تأتيها حيضتان غير الأولى وبهذا تنتهي عدتها.
وقد سبق في الموقع بيان أحكام عدة المطلقة مفصلا فيحسن الرجوع إليه: (12667)، (193290).
والله أعلم.
تعليق