الحمد لله.
لا يجوز تأخير رواتب الموظفين عن وقت الاستحقاق ، وهو تمام العمل ، أو نهاية المدة المتفق عليها ، فإذا كان الاتفاق على جعل الراتب شهريا ، لزم دفعه للعامل في نهاية كل شهر ، وتأخيره عن ذلك من غير عذر يعد مطلا وظلما ، قال الله تعالى : ( فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) الطلاق/6 ، فأمر بإعطائهن الأجر فور انتهائهن من العمل ، وروى ابن ماجه (2443) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ ) صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
والمراد : المبادرة بإعطائه حقه عقب إنهائه العمل , وكذلك إذا تمت المدة المتفق عليها ( وهي شهر في غالب الوظائف الآن ) وجب المبادرة بإعطائه حقه .
قال المناوي في "فيض القدير" :
" فيحرم مطله والتسويف به مع القدرة ، فالأمر بإعطائه قبل جفاف عرقه إنما هو كناية عن وجوب المبادرة عقب فراغ العمل إذا طلب وإن لم يعرق ، أو عرق وجف " انتهى .
ومماطلة صاحب المؤسسة في دفع الرواتب ، ظلم يحل عرضه وعقوبته ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ ) رواه البخاري (2400) ومسلم (1564) .
والمطل : المماطلة .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ ) رواه أبو داود (3628) والنسائي (4689) وابن ماجه (2427) . حسنه الألباني في "إرواء الغليل" (1434) .
واللي : هو المطل .
والواجد : الغني .
ومعنى يحل عرضه : أي أن يقول : فلان مطلني وظلمني . وعقوبته : حبسه ، كذا فسره سفيان وغيره .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة : عن صاحب عمل لا يعطي العاملين لديه أجورهم إلا عند سفرهم لبلادهم ، كل سنة أو سنتين ، والعاملون يرضون بذلك لقلة حيلتهم وقلة فرص العمل ولحاجتهم للمال .
فأجابوا : " الواجب : أن صاحب العمل يعطي الأجير عنده راتبه بعد نهاية كل شهر ، كما هو المتعارف عليه بين الناس اليوم ، لكن إذا حصل اتفاق وتراض بينهما على أن يكون الراتب مجموعا بعد سنة أو سنتين فلا حرج في ذلك ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( المسلمون على شروطهم ) " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (14/390) .
وبناء على ما سبق ، فينبغي أن تنصح صاحب المؤسسة ، وتبين له حرمة تأخير رواتب الموظفين ، وحرمة الإضرار بهم .
والله أعلم .
تعليق