الحمد لله.
أولا :
الاختلاط بين الرجال والنساء محرم ؛ لما يفضي إليه من المفاسد والمحاذير الكثيرة ، وقد سبق ذكر أدلة تحريم الاختلاط في جواب السؤال رقم (1200) .
وإذا كان الاختلاط محرماً في عموم الأزمنة والأمكنة ، فإنه أعظم تحريماً إذا كان يمارس في المساجد وفي شهر رمضان ، لمنافاته للمقاصد الشرعية التي أقيمت لأجلها المساجد ، من حفظ الدين ونشره ، ودعوة الناس إلى الخير ، ونهيهم عن الفساد والغيّ ، ومنافاته لحكمة الصوم التي هي تحصيل التقوى ، ومجانبة داعي الهوى .
والواجب على جميع أهل المسجد إنكار هذا المنكر والسعي في إزالته ، وتتأكد المسئولية على القائمين على المسجد والمشرفين عليه .
وليس لأحد أن يحتج على جواز هذا المنكر أو السكوت عنه بأن منع الاختلاط قد يؤدي إلى تخلف بعض الناس عن الحضور إلى المسجد ، فإن هذه حجة مردودة من وجوه :
الأول : أن السكوت عن إنكار المنكر مع القدرة على إنكاره يوقع صاحبه في الإثم . قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ) رواه مسلم (48) .
ولا يرضى عاقل أن يكون حضوره إلى المسجد سببا في وقوعه في الإثم .
الثاني : أن أهم دور يضطلع به المسجد هو دعوة الناس إلى الخيرات ، وتحذيرهم من المنكرات ، ولهذا كان على القائمين على المسجد أن يبينوا للناس حرمة الاختلاط ، وأن يمنعوهم من الوقوع فيه .
الثالث : أن القول بأن هؤلاء لن يحضروا إلى المسجد ، مجرد ظن ، وعلى فرض حصوله ، فإن المقرر عند أهل العلم أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح .
الرابع : أنه يمكن تخصيص مكان مناسب لاجتماع النساء قبيل الإفطار ، ولو في زاوية من زوايا المسجد أو خارجه ، في خيمة ونحوها ، مع شغلهن ببعض البرامج المفيدة ، والأعمال النافعة ، التي تشرف عليها النساء .
الخامس : أن الداعية ينبغي أن يكون هو المؤثر في الواقع والساعي إلى إصلاحه ، لا أن يتأثر هو به أو يبحث عن تبريره وتسويغه .
والاختلاط ما هو إلا مشكلة أفرزها الواقع في ظل بُعْده عن الشرع ، فينبغي أن تتكاتف الجهود لإنكاره ، والقضاء عليه ، وإن لم تكن الخطوة الأولى في بيوت الله ، فأين ستكون ؟!
ويمكنك أن تسعى مع بعض إخوانك الصالحين إلى إقناع المسئولين ومساعدتهم في إيجاد المكان المناسب لاجتماع النساء ، ومشاركتهم في إعداد البرامج النافعة لهن .
ونسأل الله أن يكلل جهودكم بالنجاح والتوفيق .
ثانياً :
وأما ما يقولونه من التسبيح بعد كل أربع ركعات من صلاة التراويح ، فقد سبق في جواب السؤال (50718) أن ذلك من البدع المحدثة التي ينبغي تركها .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما حكم رفع الصوت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والترضي عن الخلفاء الراشدين بين ركعات التراويح ؟
فأجاب :
" لا أصل لذلك – فيما نعلم – من الشرع المطهر ، بل هو من البدع المحدثة ، فالواجب تركه ، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ، وهو اتباع الكتاب والسنة ، وما سار عليه سلف الأمة ، والحذر مما خالف ذلك " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (11/369) .
والله أعلم .
تعليق