الحمد لله.
أولاً :
الذي هداكِ للإسلام ، وقد اختاركِ الله تعالى لتكوني من أتباع هذه الرسالة العظيمة ، وهذا أعظم أسباب الخير والسعادة في الدنيا والآخرة ، فعليكِ المداومة على تذكر هذه النعمة الجليلة التي حُرمها الكثير ، والقيام بشكر الله تعالى عليها بالقلب واللسان والجوارح .ثانياً :
والحمد لله تعالى أن يسَّر لكِ الزواج من مسلم ، وإن كنَّا نودُّ أن يكون زواجاً ليس فيه بعدٌ من زوجك عنكِ ، وأن يعلم أهله عنه ، وبما أن لإخفاء زوجك هذا الأمر عن أهله وابتعاده عنك دوراً كبيراً فيما حصل معكِ فإن عليك المسارعة في إصلاح هذا الأمر ، وذلك بالطلب منه أن يجعل زواجكم علنيّاً ، وأن يسارع في إخبار أهله ، وأن يبقى إلى جانبك لإعانتك على طاعة الله تعالى ، وعليه أن يتقي الله تعالى فيكِ وأن لا يعرضكِ للفتن ، وليتنبه لهذه المسئولية الملقاة على عاتقه .
ثالثاً :
والحمد لله تعالى أن وفقكِ للتوبة والرجوع إليه قبل الانغماس في المعصية أو ارتكاب ما هو أشد منها ، والمعصية يزينها الشيطان في نفس فاعلها ، فإنْ تذكَّر عقوبة فِعلها وتذكَّر ما عند الله من الثواب على تركها ، وعلم ما أعدَّه الله في الآخرة للطائعين : علِم أن ما عند الله خير وأبقى ، وأن المعاصي مهما بلغ صاحبها في النشوة واللذة فهي إلى غمٍّ وهمٍّ ونكدٍ في الدنيا ، وإلى عقوبة في الدار الآخرة ، فاستمري على التوبة ، وعلى ندمك على ما فعلتِ ، واعزمي عزماً مؤكداً على عدم الرجوع إليها ، وافعلي الطاعات تعويضاً عما فات وتقرباً إلى الله لزيادة الثواب .
رابعاً :
لا بدَّ أن تغلقي أبواب الفتن التي جاءتك المعاصي من خلالها ، ونعني بذلك " تلك المحادثات " فعليك أن تبتعدي بالكلية عن تلك المحادثات الآثمة التي كانت مع الرجال ، فلا يحل لك دخول الغرف الصوتية لهم ولا مراسلتهم والحديث معهم ، وإن كانوا معك على " الماسنجر " فسارعي بشطب أسمائهم .
وإن خشيت أن يكون دخولك على الإنترنت سيجرك إلى محادثة هؤلاء فامتنعي كليةً عن الدخول على الإنترنت ، واكتفي بالأشرطة الصوتية النافعة ، وقراءة الكتب النافعة ، والبحث عن صحبة صالحة من بنات جنسكِ يدلونك على الخير ، ويمنعونك من السوء والشر .
ومن مقتضيات التوبة الصادقة التي يكون معها الندم والعزم على عدم الرجوع إليها أن تبتعدي عن مواضع الفتن الأخرى من مواقع محرمة ، أو منتديات اللغو والفحش .
ولو أنك فرَّغتِ نفسكِ لسماع الأشرطة وقراءة الكتب النافعة ، وقراءة الأجوبة والمقالات من المواقع الإسلامية المعروفة بصحة الاعتقاد ، وسلامة المنهج لما كفتكِ حياتك كلها لو طالت ، فكيف تضيِّعين العمر فيما لا ينفع وبين يديك كنوز الخير من الكتب والمقالات والأشرطة ؟! وهي حجة عليك يوم القيامة إن فرطتِ فيها ، وليس لك أن تقولي إنني وحيدة ولا أعرف كيف أقضي وقتي ، وأنتِ بين بساتين الخير فيها الورود والأزهار ذوات الروائح الزكية ، فتنقلي بين تلك البساتين واحرصي على الخير لنفسك ، واعلمي أن العمر قصير ، ولو قضاه الإنسان كلَّه في طاعة الله للقي الله تعالى مقصِّراً فكيف له أن يضيعه في اللغو والمعصية ؟!
خامساً :
من عادة كثير من الرجال في مخاطبتهم للنساء أن يحرصوا على الاستمرار معهن حتى إذا قضوا حاجتهم منهن انتقلوا إلى غيرهن ، وهذا ما أنقذك الله منه ، وهي نعمة لا تقدَّر بمال الدنيا ، وتحتاج منكِ إلى المداومة على شكره تعالى ، وكذلك يتركونهن إلى غيرهن إذا أيسوا منهن أو انقطعت بينهم الاتصالات ، وقد يخطر ببال كثير منهم أن ما حصل من محادثات لم يكن مع امرأة ، وأن الصورة ليست لواحدة بعينها ، بل قد تكون من أي محل تصوير أو من مجلة أو من جريدة ، فإذا قطعتِ الاتصال بهم نهائيّاً – وهذا ما وفقك الله لفعله - فإن الأمر سيكون على تلك الاحتمالات ، ولا داعي للاهتمام بالصورة والحرص على تحصيلها ، فقد تستخدم وسيلة ابتزاز كما حدث مع كثيرات ، فانسي الأمر تماماً وفوِّضي أمرك إلى الله تعالى ، فهو " ستِّير يحب الستر " كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي وفقك للإسلام والتوبة ، وهو الذي أنقذك ، فلم تقعي في براثن تلك الذئاب ، وهو الذي سيستر عليك ، وييسر لك أمرك ، بمشيئته سبحانه وتعالى ، وصور النساء اللاتي تُظهر أكثر مما في صورتك تملأ الشبكة – عياذاً بالله – فلن يبقى أحدٌ منهم حريصا على صورةٍ مثل تلك ، وبين يديه الآلاف غيرها .
سادساً :
وإياكِ أن تخبري زوجكِ بما حصل ، بل عليك أن تستتري بستر الله تعالى ، وقد يتسبب إخبارك له بعواقب وخيمة ، فدعي الأمر بينك وبين الله ، توبي إليه عز وجل ، واطلبي منه العفو والمغفرة ، وأكثري من فعل الطاعات ، واحرصي على أن يعلن زوجك زواجك لأهله ، واطلبي منه أن يبقى إلى جانبك ليعينك على طاعة الله ، ولا تفتحي على نفسكِ أبواباً مغلقة بإخباره عما حصل منكِ ، فليس هناك فائدة في إخباره ، بل قد يترتب عليه آثار ليست في مصلحتك ولا مصلحة بيتكِ .
سابعاً :
ليس في إخبارك لأحدٍ أنك " مطلَّقة " أو " أنك ستطلَّقين " أي أثر على صحة عقد زواجك ، فاطمئني ولا تقلقي ، ومثل هذه الكلمات قد يترتب عليها أمور أخرى لو قالها الزوج ، أما الزوجة فلا أثر لنطقها بتلك الكلمات على عقد الزواج ، فلا داعي للقلق من هذه الناحية ، وليس هناك حكم يترتب على قولك سوى أن عليك التوبة والاستغفار لأنه إخبار بغير الحقيقة .
ثامناً :
أنتِ لم تفسدي حياتك بل أصلحتيها بإسلامك أولاً ، وبتوبتك من تلك المعاصي ثانياً ، واعلمي أن الله تعالى غفور رحيم ، وأنه يقبل التوبة من عباده ، وأنه يبدل سيئات الصادقين في توبتهم حسنات ، وأنه تعالى قد يوفقك لصدقك في التوبة لأن تكوني أفضل حالاً وأقوى استقامة بعد ذلك الرجوع الصادق إليه عز وجل ، فلا يتطرق اليأس والقنوط إلى قلبك ، فقد قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : ( كل بني آدم خطَّاء ، وخير الخطائين التوَّابون ) وأنتِ من بنات آدم ، وقد أخطأتِ ، فكوني من خير الخطائين وهم التوابون ، ونرجو من الله تعالى أن يكون قد وفقك للتوبة النصوح ، وأن يتقبل منك .
واعلمي أن الله تعالى سيبدل سيئاتك حسنات لو أنك فعلتِ هذا ، واسمعي ماذا يقول ربنا عز وجل في هذا ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الفرقان/68– 70 .
والخلاصة :
استمري على توبتك ، وأغلقي أبواب الفتنة عليك ، واحرصي على الطاعة والصحبة الصالحة ، ولا تخبري زوجك بما حصل معك ، وثقي بالله تعالى أنه سيستر عليك لو أنك صدقتِ في توبتك .
ونرجو أن نكون قد أجبنا على تساؤلاتك ، وستجدين هذا الموقع نصيراً لك ، ودالاًّ لك على الخير ، إن شاء الله تعالى ، ونرجو أن نسمع عن تغير حالك إلى ما هو أحسن ، وأن نرى زوجك أعلن زواجك أمام أهله ، ونسأل الله تعالى أن يرزقك علماً نافعاً وعملاً صالحاً وذرية طيبة .
والله الموفق .
تعليق