الحمد لله.
أولا :
مساعدة المحتاجين والتصدق على الفقراء والمساكين من أفضل القربات وأولى الطاعات .
قال الله تعالى : ( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة/274 .
ويتأكد استحباب الصدقة كلما اشتدت حاجة الفقير ؛ وذلك أن سد الحاجات وستر العورات من أهم مقاصد تشريع الصدقات .
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أَفْضَلُ الأَعْمَالِ : إِدْخَالُُ السُّرُورِ عَلَى المُؤمِنِ : كَسَوْتَ عَوْرَتَهُ ، وَأَشْبَعْتَ جَوْعَتَه ، أَوْ قَضَيتَ لَهُ حَاجَةً ) رواه الطبراني في المعجم الأوسط (5/202) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2090) .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" فإن قيل : أيها أولى أن تصرف فيه الزكاة من هذه الأصناف الثمانية ؟
قلنا: إن الأولى ما كانت الحاجة إليه أشد ؛ لأن كل هؤلاء استحقوا الوصف ، فمن كان أشد إلحاحاً وحاجة فهو أولى ، والغالب أن الأشد هم الفقراء والمساكين ، ولهذا بدأ الله تعالى بهم فقال : ( إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى ٱلرِّقَابِ وَٱلْغاٰرِمِينَ وَفِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/ سؤال رقم 251) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (23/303) :
" إعطاء المستحقّين الزّكاة ليس بدرجةٍ واحدةٍ من الفضل ، بل يتمايز : فقد نصّ المالكيّة على أنّه يندب للمزكّي إيثار المضطرّ على غيره ، بأن يزاد في إعطائه منها دون عموم الأصناف " انتهى .
وإذا كان الفقير أو السائل من العاجزين عن العمل ، أقعده المرض والابتلاء ، فيتأكد إعطاؤه من الصدقة .
قال تعالى : ( لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) البقرة/273 .
قال سعيد بن جبير : إنهم قوم أصابتهم الجراحات في سبيل الله فصاروا زَمْنَى ( جمع زَمِن : وهو من به مرض دائم ) ، فجعل لهم في أموال المسلمين حقا .
"الدر المنثور" (2/89) .
والمقصود : بيان أن ميزان المفاضلة في الصدقات هو قدر الحاجة والفاقة ، فإذا ظهر لك أن أحد السائلين أشد حاجة وفاقة من الآخر ، فهو الأولى بصدقتك .
فإن كان المبلغ الذي تريد أن تتصدق به يكفي لسد حاجة السائِلَيْن ، فاقسمه بينهما ، وإن كان لا يكفي إلا واحدًا منهما ، فلا حرج عليك حينئذ إذا أعطيته لأي منهما ، ولتحاول أن تخفي ذلك عن الآخر ، حتى لا يقع في قلبه شيء من الحسرة أو الحسد .
وقد سئل فضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله : إذا أخرج الإنسان زكاة ماله ، وكانت قليلةً كمائتي ريال مثلاً ، فهل الأفضل أن تُعطَى لأسرةٍ واحدةٍ محتاجة ، أو تفريقها على عدد من الأسر المحتاجة ؟
فأجاب :
" إذا كانت الزكاة قليلةً فصرفها في أسرة محتاجة أولى وأفضل ؛ لأن توزيعها بين الأسر الكثيرة مع قلتها يقلل نفعها " انتهى .
"فتاوى ابن باز" (14/316) .
والله أعلم .
تعليق