الحمد لله.
أولاً : جزاك الله خيراً لاعتقادك أن الله وحده يعلم الغيب ـ وهذا أملنا بك وبكل مسلمة تقية ـ وهذا من ضروريات الإيمان بالله وحده .
ولكن العجب منك بعد هذا الاعتقاد كيف تخافين ممن لا يعلم الغيب .
فعليك أن تطمئني وتتوكلي على الله ، فإنه لن يصيبك إلا ما كتب الله لك .
ثانياً :
أما حكم العرافة وهي الكهانة وادعاء علم الغيب فهي من المهلكات لصاحبها والتي تخرجه من التوحيد والدين .
ثالثاً :
العرافون يتعاملون مع الجن فهم مشعوذون يتعاملون مع الشياطين وهي لا تعينهم إلا بعد أن يبدلوا دينهم ومن يبدل دينه يقتل ، ومن ذهب إليهم مصدقا لهم فقد وقع في الكفر ، فإن لم يصدقهم فلا تقبل له صلاة أربعين ليلة .
أما دليل الأول : فحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " . رواه الترمذي ( 135 ) وأبو داود ( 3904 ) وابن ماجه ( 639 ) وأحمد ( 9252 ) . والحديث : صححه الحاكم ( 1 / 49 ) ووافقه الذهبي ، وقال الحافظ ابن حجر إن له شاهدين عند البزار بأسانيد جيدة . انظر " الفتح " ( 10 / 217 ) .
ودليل الثاني :عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أتى كاهناً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة " . رواه مسلم ( 2230 ) .
رابعاً :
أما كيف يأتي الكهنة بالأخبار فبيانه في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك ، حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا : ماذا قال ربكم ؟ قالوا الحقّ وهو العلي الكبير ، فيسمعها مسترق السمع ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض - وصفه سفيان - أحد الرواة - بكفه - فحرفها وبدّد بين أصابعه فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها وربما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذبة ، فقال : أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا ، كذا وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء " . رواه البخاري ( 4424 ) .
خامساً :
واستماع الشيطان للخبر من كلام الملائكة بعضهم لبعض مما قضاه الله تعالى في السماء هو من علم الشهادة وليس من معرفة الشياطين بالغيب فيكذب مع هذه الكلمة أو الخبر مائة كذبة ، كأن يعلم أن فلانة تلد ذكراً فيخبر الناس فيرى الناس صدقه في ذلك فيطمئنون إليه فيكذب مع الخبر بأنه سيتزوج عام كذا ويموت عام كذا وما أشبه ذلك من التفصيلات فيعظم في نفوس الناس فيتقربوا إليه بالهدايا والأموال فيجعل هذا الكذب صنعة له بعد اطمئنان الناس إليه ويكتسب بالحرام .
سادساً :
ومما يجدر ذكره أنه ليس كل عراف كاهناً فقد يكون رمَّالاً أو قارئ فنجان لأن الكهّان ممن يطّلعون على أخبار الجن وهؤلاء ليسوا منهم وإنما هم مجرّد كذابين ولكنهم في الحكم سواء من جهة ادّعائهم معرفة علم الغيب وإن كان الكاهن الذي يتعامل مع الشياطين أكفر لأنّه بالإضافة إلى كفره بالكهانة يكفر بتعامله مع الشّياطين التي لا تُعطيه مطلوبه إلا بعد أن يصرف لهم أنواعا من العبادة ويخرج عن دينه .
سابعاً :
يجب عليك أن تنصحي أمك ألا تقرب أولئك الدجالين لكيلا تقع في الإثم أو أن يحبط عملها .
ولا تعزفي عن الزواج فإن الزواج فوائده عظيمة وأمره جليل تدعو إليه الفطرة كما يدعو إليه الدين ولن تكون حياتك تعيسةً بإذن الله بل تفاءلي بأنها ستكون حياة رضية مرضية ونسأل الله أن يجمعك بصاحب علم وصلاح .
ولو حصل أيّ مكروه وتزّوجت بمن شقيت معه فذلك لقدر الله لا لقول الكاهن اللعين ولا لأنه يعلم الغيب ولكن قد يكون ذلك اتفاقاً للاختبار والابتلاء ، وعلى أية حال فإنّ في إقدامك على الزواج - إضافة إلى فوائده العظيمة - إرغاما لأنوف الكهنة والدجالين والمصدّقين بأخبارهم ، وفقنا الله وإياك لكل خير وصلى الله على نبينا محمد .
تعليق