الحمد لله.
الكلام على إنكار المنكر بالقلب يكون من وجهين : الوجه الأول : محله ، والثاني : صفته .
فأما محله : فهو فيما إذا عجز العبد المسلم عن إنكار المنكر بيده ولسانه مراعيا في ذلك شروط وضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والأصل في ذلك ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان . فهذا محله . وأما صفته : فهو أن يشعر المؤمن في قلبه ، بكراهة هذا المنكر وبغضه له ، وأن يتمنى أن لو قدر على تغييره ، وأن يناله حزن وهم لعدم قدرته على تغيير هذا المنكر ، وهذا الأخير هو من أمارات صدق الإنكار بالقلب وينبغي أن ينضم إلى ذلك سؤال الله جل وعلا الإعانة على تغيير هذا البلاء وإزالته حقيقته . نسأل الله جل وعلا ـ لنا ولجميع المؤمنين التخلق بهذا الخلق المبارك. . ومما ينبغي أن يشار إليه أنه إن كان الإنسان عاجزاً عن تغيير المنكر إلا أنه بوسعه مفارقة المكان الذي يعصي الله فيه ، فيجب عليه مفارقته ولا يكتفي في هذه الحالة بإنكار القلب فقط . وقد قال جل وعلا :" وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ". وقال تعالى : " وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا " . وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
تعليق