الحمد لله.
أولاً :
نسأل الله تعالى أن يفرج همك ، ويزيل غمك ، ويحميك من الانزلاق في مهاوي الردى والمعصية إنه على ما يشاء قدير .
اسمعي معي إلى هذا النداء الإلهي العظيم : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 .
واسمعي إلى قوله تعالى وهو ينادي عباده المؤمنين : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ) التحريم/8 .
والله يقبل التوبة عن عباده ، كما قال جل شأنه : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) الشورى/25 .
أختي السائلة :
ما الذي دعاك لترك أهلك ؛ والسفر إلى بلاد الكفر والعيش معهم ؟! والإنسان لم يعد يأمن على نفسه حتى في بلاد الإسلام ! وذلك لكثرة الشبهات والشهوات !
فكيف ببلاد استبيح فيها كل شيء ، وفتحت فيها أبواب المعاصي على مصراعيها !
والإقامة في بلاد الكفر مرتع وخيم ، وعيش نكد ، وحياة قلق واضطراب ، وهم – أعني أصحاب تلك البلاد – حياتهم جهنم لا تطاق – باعترافهم – لأنهم فقدوا تربية الروح ، والصلة مع الله ، وصارت حياتهم مادية بحتة ، فكثرت فيهم الأمراض النفسية ، ولجأوا في كثير من الأحيان – للتخلص من هذه الحياة – إلى الانتحار .
ثانياً :
النصيحة لك أن تبحثي عن الأسباب التي جعلت أهلك يقفون منك هذا الموقف ، فيرفضون كل من تقدم للزواج منك , وجدي في معرفتها والعمل على إزالتها ، حتى تستطيعي معالجة الأمر ، وإيجاد الحلول المناسبة ؛ حتى يلتم الشمل وتجتمعي مع أهلك .
وإذا تعثر ذلك ، وبقيت الأمور على ما هي وتبيّن أن الأسباب الحائلة بينك وبين أهلك أسباب غير شرعية . عند ذلك تنتقل ولايتك للسلطان أو القاضي الشرعي ، وحيث إنك توجدين في بلاد ليس فيها قضاء شرعي وليست بلاد إسلام ، فلا حرج عليك أن يكون وليك هو مدير أحد المراكز الإسلامية أو إمام المسجد ، وانظري جواب السؤال (7989) .
ثالثاً :
إن إحساسك بالذنب على ما قد فعلته سابقاً , ورجوعك إلى الله ، والتوبة الصادقة النصوح ، التي يندم فيها الإنسان على ما فعل , ويعزم على أن لا يعود ، ويقلع عن الذنب , ويستغفر, ويكثر من الأعمال الصالحة , إن ذلك يجبر ما فات ويطهره ، قال تعالى : ( فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) المائدة/39 .
وقال جل شأنه : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طه/82 .
وقال تعالى : ( وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً ) الفرقان/71 .
فمن رجع عن المعاصي ، وأناب إلى ربه ، وأسلم له ؛ فإن الله يقبل توبته ويحسن عاقبته ، ويجعله من ورثة جنة النعيم ، قال الله تعالى : ( فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً * إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً ) مريم/59-60 .
والتوبة تفتح على صاحبها باباً جديداً, ينطلق منه إلى حياة جديدة ؛ ملؤها الإيمان , والإحسان , والأمل .
قال صلى الله عليه وسلم : ( التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ ) رواه ابن ماجة (4250) وحسنه الألباني .
فأنصحك بعدم ذكر ذلك له ، لأن ذلك صار كأنه لم يكن – بعد التوبة – وابدئي معه حياة جديدة, ملؤها الأمل , والحب , والسعادة , وكلليها بالطاعة , والتقوى ، والاستقامة على الهدى .
ونصيحتنا لك أن تعجلي بأمر الزواج من هذا الشاب ، لأن اتصاله بك وإقامة علاقة معه قبل الزواج أمر محرم ، وقد يكون ذلك باباً من أبواب الفتنة ، نسأل الله تعالى أن يحفظنا من الزلل .
والله أعلم .
تعليق