الحمد لله.
يجوز الاعتماد على التقاويم التي تبين أحكام الصلوات ما لم يثبت خطؤها ، وقد ثبت خطأ كثير منها – إن لم نقل كلها – في صلاة الفجر ، وبعضها في صلاة العشاء ، وأما صلاة المغرب فالخطأ فيها يسير ؛ لأنه يسهل على عامة الناس معرفة صوابها ، واكتشاف الخطأ فيها ، بمراقبة الشمس بأنفسهم .
وعلى كل حال : فإن علامة غروب الشمس الذي به يفطر الصائم ، ويدخل به وقت صلاة المغرب هي : غياب قرص الشمس في الأفق غياباً حقيقيّاً ، وليس غيابها وراء جبل ، أو عمارة .
وقد نصَّ الصحابة رضي الله عنهم على وقت الغروب بذكرهم غياب الشمس في الحجاب ، وتنوعت ألفاظهم في ذلك ، فبعضهم يقول " غابت الشمس " ، وآخر يقول " توارت بالحجاب " ، وثالث يقول " وجبت الشمس " ، وكلها ألفاظ تدل على معنى واحد ، وهو الغياب الكلي لقرص الشمس .
ولا يلزمك أن تصعد على الجبل أو على مكان مرتفع ، بل المراد غروب الشمس بالنسبة للمكان الذي أنت فيه ، وذلك بسقوطها في الأفق ، أما مجرد اختفائها خلف الجبل فلا يعتبر ذلك غروباً .
ونظرا لأنك لا تستطيع رؤية الشمس وقت الغروب بسبب الجبال ، فيمكن معرفة وقت الغروب بعلامة أخرى ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهي إقبال الظلام من جهة المشرق .
روى البخاري (1954) ومسلم (1100) عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا (جهة المشرق) وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا (جهة المغرب) وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ) .
قال النووي :
" قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَقْبَلَ اللَّيْل وَأَدْبَرَ النَّهَار وَغَرَبَتْ الشَّمْس ) قَالَ الْعُلَمَاء : كُلّ وَاحِد مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَة يَتَضَمَّن الْآخَرَيْنِ وَيُلَازِمُهُمَا , وَإِنَّمَا جَمَعَ بَيْنَهَا ; لِأَنَّهُ قَدْ يَكُون فِي وَادٍ وَنَحْوه بِحَيْثُ لَا يُشَاهِد غُرُوب الشَّمْس , فَيَعْتَمِد إِقْبَال الظَّلَّام وَإِدْبَار الضِّيَاء . وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى .
فإن لم يمكن هذا أيضا فلا حرج من الاعتماد على التقاويم لأنها تفيد على الأقل غلبة الظن بدخول وقت الصلاة ، ما لم يثبت أنها خطأ .
والله أعلم
تعليق