الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

حكم الجلوس في مقهى يقدم فيه الحلال والحرام كالشيشة

94936

تاريخ النشر : 21-01-2007

المشاهدات : 63006

السؤال

هل الجلوس في المقهى الذي يقدم الحلال كالمشروبات والحرام كالشيشة جائز مع العلم أني أطلب الحلال فقط؟

الجواب

الحمد لله.


لا يجوز الجلوس في محل يعلن فيه بالمعصية ، إلا لمن اضطر إلى ذلك ، لأن إنكار المنكر باليد واللسان والقلب أمر واجب ، والجلوس في مكان المنكرات وعدم إنكارها يتنافى مع ذلك ، وقد قال الله تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ ) النساء/140 .
قال القرطبي رحمه الله : " قوله تعالى: ( فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) أي غير الكفر. ( إنكم إذا مثلهم ): فدل هذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم ، والرضا بالكفر كفر. قال الله عز وجل (إنكم إذا مثلهم ) فكل من جلس في مجلس معصية ، ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء.
وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية.
وقد روي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه أخذ قوماً يشربون الخمر، فقيل له عن أحد الحاضرين: إنه صائم فحمل عليه الأدب (أي : عاقبه) وقرأ هذه الآية : ( إنكم إذا مثلهم ) أي إن الرضا بالمعصية معصية " انتهى.

وقال الجصاص في "أحكام القرآن" (2/407) : " . وفي هذه الآية دلالة على وجوب إنكار المنكر على فاعله وأن مِنْ إنكاره إظهار الكراهة إذا لم يمكنه إزالته وترك مجالسة فاعله والقيام عنه حتى ينتهي ويصير إلى حال غيرها " انتهى .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : " والإنكار بالقلب فرض على كل واحد ، وهو بغض المنكر وكراهيته ، ومفارقة أهله عند العجز عن إنكاره باليد واللسان ؛ لقول الله سبحانه : ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ) الأنعام/68" انتهى نقلا عن : "الدرر السنية في الأجوبة النجدية" (16/142).

ثم إنه يخشى على من جلس في هذه الأماكن أن يضعف إيمانه ، وأن تذهب الغيرة من قلبه ، وربما دعاه الشيطان إلى مقارفة شيء من المعصية ، وقد قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) النور/21.
لكن ...إذا احتاج المسلم إلى الجلوس في مكان كهذا ، كما لو كان مسافرا ولم يجد مكانا يستريح فيه إلا ذلك المكان ، فله الجلوس فيه ، على أن يبعد عن أهل المعاصي بقدر استطاعته ، ويكون جلوسه بقدر ما يحتاج فقط ، ثم يقوم .
والله أعلم .
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب