الحمد لله.
الاختلاط بين الرجال والنساء في العمل ، له آثاره السيئة ، ومفاسده الواضحة ، على كلٍّ من الرجل والمرأة ، ومن ذلك :
1- حصول النظر المحرم ، وقد أمر الله تعالى المؤمنين والمؤمنات بغض البصر ، فقال سبحانه: ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) النور/30-31 .
وفي صحيح مسلم (2159) عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة ، فأمرني أن أصرف بصري .
2- قد يحصل فيه اللمس المحرم ، ومنه المصافحة باليد ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ) رواه الطبراني من حديث معقل بن يسار ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (5045) .
3- أن الاختلاط قد يوقع في خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية عنه ، وهذا محرم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ) رواه الترمذي (2165) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وفي رواية : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها ، فإن ثالثهما الشيطان ) رواه أحمد وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وصححه الألباني في غاية المرام (180) .
4- ومن مفاسده : تعلق قلب الرجل بالمرأة وافتتانه بها ، أو العكس ، وذلك من جراء الخلطة ، وطول المعاشرة .
5- ما يترتب على ذلك من دمار الأسر وخراب البيوت ، فكم من رجل أهمل بيته ، وضيع أسرته ، لانشغال قلبه بزميلته في الدراسة أو العمل ، وكم من امرأة ضيعت زوجها وأهملت بيتها، لنفس السبب ، بل : كم من حالة طلاق وقعت بسبب العلاقة المحرمة التي أقامها الزوج أو الزوجة ، وكان الاختلاط في العمل رائدها وقائدها ؟!
ولهذا - وغيره - جاءت الشريعة بتحريم الاختلاط المفضي إلى هذه المفاسد ، وقد سبق بيان أدلة تحريم الاختلاط مفصلة في جواب السؤال رقم (1200)
فإذا كنت تركت العمل لمحذور الاختلاط بالرجال ، فقد أحسنت ، وفعلت ما يجب عليك ، ويرجى لك بذلك الأجر والتوفيق والسعادة في الدنيا والآخرة ، فإن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه .
وهذا التعويض من الله تعالى ، ليس هو التعويض المادي فقط ، بل تلك الراحة والاطمئنان والسعادة ، والتوفيق إلى الأعمال الصالحة ، كل ذلك قد يكون من ذلك التعويض الرباني .
وأما تعلّم القرآن وتعليمه فهو من خير الأعمال وأعظم القربات ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ) رواه البخاري (5027) وفي رواية له : ( إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ).
ونساء المسلمين وفتياتهم بحاجة إلى من يعلمهم القراءة الصحيحة ، ويعينهم على حفظ كتاب الله الكريم .
لكن إن احتجت إلى العمل ، وأمكن أن تجدي مجالا في تخصصك (الصيدلة ) خاليا من الاختلاط فلا حرج عليك في ذلك ، وقد تستطيعين مع ذلك تعليم القرآن الكريم أيضا .
والسعادة ليست بالمنصب أو الجاه أو المظهر ، ولكنها بالإيمان والتقوى ، فحيث كنت قريبة من الله تعالى ، راضية بما أعطاك ، فلا تلتفتي لما يقوله الآخرون .
نسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وتقى .
والله أعلم .
تعليق