الحمد لله.
فإن من المعلوم بداهة أن الإنسان مخلوق ، ولا بد من أن يكون للمخلوق خالق ، وخالق الإنسان هو الله الذي خلق السموات والأرض ، وخلق كل شيء . ويجب على الإنسان أن يقر بهذه الحقيقة ، ومعلوم بداهة أن الخالق لهذا الوجود هو الذي يستحق أن يُعبد ، ويُطاع ، ويُخاف ، ويُرجى ، ويُحب فمن لم يعترف بهذه الحقيقة فهو الملحد الجاحد ، الجاهل الفاسد ، العقل المنحط عن منزلة الإنسانية ، ومن لم يقم بحق العبودية لله الذي خلق السموات والأرض بل استكبر عن عبادته ، أو عبد معه غيره من المخلوقين فهو مستنكف عن عبادة الله ، أو مشرك ، والمستنكف والمشرك كلاهما كافر ، كالملحد الجاحد . ومن كان جاحداًُ للخالق أو مستكبراً عن عبادته ، أو مشركاً به فإنه مستحق لأشد العقوبات لأن جحد الإنسان لخالقه واستكباره عن عبادته ، وتسوية غيره به هو أعظم الخطايا البشرية ، وأقبح الاعتقادات ، وأسوء الانحرافات ومن كان كذلك فلا قيمة لأي عمل خيري يعمله . فمثل هذا الملحد الذي يعمل أعمالا صالحة في نظره ويقدم للمجتمع ما يستطيع من نفع وإحسان مَثل الذي يقتل أباه وأمه ويحسن إلى الكلاب ، أليس معقولا أنه يستحق العقاب ؟ ولا قيمة إلى إحسانه إلى الكلاب . فأعظم الحقوق حق الله وهو معرفته وعبادته فالمضيّع لهذا الحق العظيم لا ينفعه ما يقوم به من حقوق الناس ، وعلى هذا فالملحد الذي لا يؤمن بالله ، ولا يعبد الله لا يكون خيّراً بما يقدمه من أعمال نافعة للإنسان ، ولكن هذا الملحد أو المشرك الذي يحسن إلى الناس خير من ملحد أو مشرك يظلم الناس ، ويسيء إليهم ، ويعتدي على حقوقهم . وقد يثاب على إحسانه برزق في الدنيا من مطعم ومشرب ، وليس له في الآخرة من نصيب ، فانظر لنفسك أيها السائل ، وآمن بالله ورسوله ، واتبع هدى الله الذي بعث به رسوله عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين لتنجو من عذاب الله واعرف الفرق بين المؤمن ، والملحد ، والموحد ، والمشرك ، قال تعالى : ( مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون ) .