الحمد لله.
ذكر الله تعالى من أجل ما يُعبد الله به ، ولأجل ذلك كان الذاكر في حاجة إلى معرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في هذه العبادة ، كما هو في حاجة إلى معرفة ذلك في سائر العبادات .
وليس في سنته صلى الله عليه وسلم الاقتصار في الذكر ولا في الدعاء على لفظ الجلالة : الله ، الله ، لا برفع الهاء ولا بتسكينها ، وليس في سنته كذلك الاقتصار على نداء أسماء الله الحسنى ، كقول بعضهم : يا لطيف ، يا لطيف ، يا لطيف ، أو : يا غفور ، يا غفور ، يا غفور . ثم إن مثل هذا الذكر لا يعد كلاما في اللغة ، ولا له معنى فيها ؛ إنما هو كلمات مفردة ، لا تفيد شيئا .
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" هذا من البدع ؛ قراءة أسماء الله الحسنى بعد الصلوات واعتياد ذلك ، وترديد كلمة ( يا لطيف ) بعدد معين وبصفة معينة ؛ كل هذا من البدع المحدثة في الإسلام ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة " انتهى.
" المنتقى من فتاوى الفوزان" (2/8)
وانظر جواب السؤال رقم : (9389) ، (26867) .
أما إن أراد السائل الجواب عن استدلال بعضهم بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ اللَّهُ اللَّهُ ) رواه مسلم (148)، فقد سبق الجواب عليه بتوسع في جواب السؤال رقم : (91305) .
ويقول الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :
" للعلامة محمد صديق حسن خان رحمه الله تعالى بحث مهم في عدم مشروعية الذكر بالاسم المفرد ( الله ) ، وأنه لا أصل له في الكتاب ولا في السنة ولا في أقوال الصحابة رضي الله عنهم ولا عن أحد من أهل القرون المفضَّلة .
وهناك نصوص يحتجون بها ولا دلالة فيها : منها قوله تعالى : ( قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ) ، وحديث أنس رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( لا تقوم الساعة حتى لا يُقال في الأرض : الله الله ) رواه مسلم والترمذي . وذكره الذهبي في " السير "، والمراد بهذين النصين قوله : ( لا إله إلا الله ) على طريق الإشارة .
قال محقق " السير " : " وليس في هذا الحديث مستند لمن يُسوِّغ الذكر بالاسم المفرد ؛ لأن المراد منه : أنه لا يبقى في الأرض من يوحد الله توحيداً حقيقياً ويعبده عبادة صادقة ، كما جاء مفسراً في رواية أحمد : ( لا تقوم الساعة حتى لا يُقال في الأرض : لا إله إلا الله ) . وسنده صحيح ، ولم يثبت عنه ، ولا عن صحابته ، ولا عن أحد من القرون المشهود لها بالفضل : أنهم ذكروا الله بالاسم المفرد " انتهى كلام محقق السير.
ومنها حديث : أسماء بنت عميس - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( ألا أُعلمكِ كلمات تقوليهن عند الكرب : الله الله ربي لا أُشرك به شيئاً ) رواه أحمد ، وأبو داود ، وابن ماجه . وهذا ليس مفرداً ، بل مضاف ، إما تقديراً أو تصريحاً .
ومنها : أثر ابن عباس وأبي الدرداء رضي الله عنهم : ( إن اسم الله الأكبر : رَبِّ ربِّ ) رواه الحاكم ، وسكت عليه الذهبي . وهذا للبيان . والله أعلم " انتهى.
" معجم المناهي اللفظية" (120-121) .
والله أعلم.