الحمد لله.
أولاً :
سبق في الموقع غير مرة الكلام على الطرق الصوفية على سبيل العموم ، وبيان شيء من أخطائها وضلالاتها .
وانظر أجوبة الأسئلة : ( 20375 ) و ( 118693 ) و ( 132603 ) .
ثانياً :
" الطريقة الهبرية " هي من الطرق الصوفية التي تفرعت عن " الطريقة الشاذلية " , وهذه الطريقة الهبرية الشاذلية : تفرعت عن " الطريقة الدرقاوية الشاذلية " ، وتنسب إلى " محمد الهبري العزاوي الزروالي " نسبة إلى " بني زروال " , وتأتي زاويته في الأهمية بعد " الزاوية العلوية " الجزائرية ، و " الزاوية البوتشيشية " المغربية .
أما أهم معتقدات الطائفة الشاذلية : فهي كما يلي :
1. الاعتقاد بوحدة الوجود على النحو الذي يعتقد بها عموم الصوفية ، إذ نقل الشاذلية عن شيخهم قوله : "مَن أطاع الله في كل شيء بهجرانه لكل شيء : أطاعه الله في كل شيء ، بأن يتجلى له في كل شيء" .
2. تأويل آيات القرآن تأويلاً باطنيّاً ، فتُصرف الآيات عن ظاهرها والمراد بها ، على طريقة الفرق الباطنية التي ادّعت أن للإسلام والقرآن ظاهراً وباطناً .
يقول ابن عطاء الله السكندري : "لكل آية ظاهر وباطن" .
3. الغلو في الشاذلي ، وشيوخهم الآخرين ، حتى أوصلوا بعضهم إلى مرتبة الربوبية .
انظر : "الطريقة الشاذلية" , "مجلة الراصد" , العدد الثاني والأربعين .
وانظر للمزيد حول هذه الطريقة ، ومؤسسها : كتاب " أبو الحسن الشاذلي " للصوفي عبد الحليم محمود ، وانظر في الردِّ عليه كتاب : " صوفيات شيخ الأزهر " للأستاذ عبد الله السبت .
أما عقائد هذه الفرقة الهبرية المتفرعة عن الشاذلية فكما يلي :
أ. يزعم مقدَّم هذه الطريقة : "أن المجاهدة – بعزيمتها المعهودة - توقّفت عنده" ، وقد كان مريدوه لا يأخذ الواحد منهم الاسم الأعظم حتى يمرّ بالخلوات التي تنقطع لها العزائم والظهور ، فيخلو الواحد منهم سنوات في غار ، أو كوخ ، بعيداً عن الخلْق ، حتى يصير الاسم الأعظم ممتزجا بكلّ ذرة من ذراته ! .
ب. ويزعم أتباعه أنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي يوصل إلى الله ، وعنه يؤخذ الاسم الأعظم .
ت. وكان الهبري يقول : "لا يدخل طريقتنا إلاّ من كان مكتوباً من السعداء في اللوح المحفوظ ، أو شريفاً" .
ث. ويزعم أصحاب الطريقة أن أتباع صاحب الاسم الأعظم مكتوبون عند الله في عداد الصحابة رضوان الله عليهم .
ج. وكان وارثه الشيخ الأكبر ! محي الطريق "محمد بلقايد" يلقّن الاسم الأعظم في أيام معدودات ، بعد ما كان التقلين في سنين معهودات , وقد صرّح أنّه لا يلقن الاسم الأعظم في الأرض إلا هو وابنه محمد عبد اللطيف التلقين الأتمّ ، الذي يوصل إلى الله مباشرة ، ويجعل حامل الاسم من أصحاب الذات ، والاسم الأعظم .
بالإضافة إلى الضلالات والخرافات الأخرى التي تشترك فيها عامة الطرق الصوفية .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
ما حكم الشريعة الإسلامية في الطريقتين اللتين توجدان في بلدنا الجزائر ولهما اسم " الهبريين " نسبة إلى شيخهم الكبير وهو الشيخ الهبري ، وكما نعرف أن شيخهم المحبوب الحضرة ، ويعتقدون أنهم في الطريق الصحيح ، وكل المسلمين الآخرين في ضلال ، فهل هذه الطريقة صحيحة ؟ .
فأجابوا :
"الطريقة السليمة الصحيحة : هي التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فمن اقتفى أثره في ذلك : فهو على الصراط المستقيم ، وأما الطرق التي حدَثت بعد ذلك : فيُعرض كل عمل منها على الشريعة الإسلامية ، فما وافقها : أُخذ به ، وما خالفها : رُدَّ ؛ لقول الله جل وعلا : (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) .
وننصحك بكثرة تلاوة القرآن ، وقراءة تفسيره ، وخاصة "تفسير ابن جرير" ، و "ابن كثير" رحمهما الله ، وكذلك قراءة السنَّة وشرحها ، وخاصة الصحيحين "صحيح البخاري" ، و "صحيح مسلم" ، والسنن الأربعة ... إلى غير ذلك من كتب الحديث الشريف ، مثل : "منتقى الأخبار" ، و "بلوغ المرام" ، و "رياض الصالحين" ، و "زاد المعاد في هدي خير العباد" للعلامة ابن القيم رحمه الله .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (2/364 ، 365) .
ثالثاً:
وننبه هنا إلى أن الغرب الكافر صار يتبنى نشر العقائد الصوفية في العالَم العربي ، والإسلامي ؛ لما يعلمه عنها من تأثيرها المخدِّر على عقول أتباعها ، وتعلقهم بالأوثان ، والقبور ، والأوهام ، والخيالات ، فينصرفون عن معرفة توحيد خالقهم ، وعن تحقيق الولاء والبراء في حياتهم .
قال الأستاذ عبد الوهاب المسيري رحمه الله :
"ومما له دلالته : أن العالم الغربي الذي يحارب الإسلام يشجع الحركات الصوفية ، ومن أكثر الكتب انتشاراً الآن في الغرب : مؤلفات "محيي الدين بن عربي" ، وأشعار "جلال الدين الرومي".
وقد أوصت لجنة " الكونغرس " الخاصة بالحريات الدينية : بأن تقوم الدول العربية بتشجيع الحركات الصوفية ؛ فالزهد في الدنيا ، والانصراف عنها ، وعن عالم السياسة : يضعف - ولا شك - صلابة مقاومة الاستعمار الغربي ، ومِن ثَمَّ فعداء الغرب للإسلام ليس عداء في المطلق ، وإنما هو عداء للإسلام المقاوم ، ولأي شكل من أشكال المقاومة ، تتصدى لمحاولة الغرب تحويل العالم إلى مادة استعمالية" انتهى .
من مقاله " الإسلام والغرب " .
فالغرب الذي يحارب الإسلام ، يحارب بالأخص أهل السنة والجماعة ، لعلمه أن هؤلاء هم الذين يقفون في وجه أطماعه الاستعمارية ، وفي الوقت ذاته : يشجع الطرق والحركات الصوفية ، لعلمه أنها لا تتعارض مع مصالحه ، بل تخدم مصالحه .
وللرد على التصوف ، وعقائده المنحرفة : فننصح بقراءة الكتب التالية :
1. "هذه هي الصوفيَّة" للشيخ عبد الرحمن الوكيل .
2. "الفكر الصوفي في ضوء الكتاب السنة" للشيخ عبد الرحمن عبد الخالق .
3. "الكشف عن حقيقة الصوفية" للشيخ عبد الرؤوف القاسم .
4. "تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي" للشيخ محمد أحمد لوح .
والله أعلم