إنني مسلمة ، وأعيش مع أبوين غير مسلمين ، وعندما أسلمت تعرضت علاقتنا لكثير من الضغوط ، وأصبحا يقسوان علي الإسلام ، ولكن بمرور الوقت بدأ كل منهما يتقبل الأمر أكثر ، ورقق الله تعالي قلبهما لي وللإسلام ، وهما الآن يأخذان في الاعتبار ما يهمني ، فهما الآن يأكلان الأطعمة الحلال وهكذا ، ولكن أبواي يشربان الخمر في العشاء ، ويجلسان دائما معي ؛ لأن الأكل معا عادة تحترم في بيتنا ، أبواي يعرفان أنني لا أحب الخمور ، ودائما ما أعلمهم بذلك ، ولكنني لا يمكنني أن أمنعهم من شربه في بيتهم ، وقد صرح لي أبي بذلك .
فهل لا أجالسهم ؟ ، وأنا أعرف أن هذا سوف يعرض علاقتنا للتوتر مرة أخرى ، ويمكن أن يجرحهما إذا ما رفضت الجلوس معهما ، وهل يمكنكم أن تنصحونني في هذا الأمر ؟
الحمد لله.
أولا :
نحمد الله تعالى أن هداك للإسلام ، ونسأله لك الثبات والتوفيق وهداية الوالدين وسائر من تحبين .
وينبغي أن تحرصي على دعوة والديك ، وإعطائهما حقهما من البر والإحسان كما يأمر به ديننا العظيم .
ثانيا :
لا يجوز الجلوس على مائدة يدار عليها الخمر ؛ لما روى أحمد ، والترمذي (2801) عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا بِالْخَمْرِ ) والحديث عزاه الحافظ ابن حجر في الفتح إلى النسائي ، وجوّد إسناده ، وصححه الألباني في " إرواء الغليل " ( 7 / 6 ) .
وذلك أن شرب الخمر منكر عظيم ، وكبيرة من كبائر الذنوب ، فلا يجوز فعلها ، ولا الإقرار عليها .
والمؤمن مطالب بإنكار المنكر بيده فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، لكن يلزمه حينئذ القيام والبعد عن مكان المنكر إن استطاع .
وينظر جواب السؤال : (145587) ، (94936) .
هذا هو الأصل العام ، عدم الجلوس على المائدة أثناء شرب الخمر ، فإن كان والداك يشربان بعد تناول الطعام ، فكلي معهما وانصرفي قبل شربهما ، وإن كانا يشربان مع الطعام ، فإن قدرت على ترك الجلوس معهما ، ولم تخشي مفسدة أعظم ، فافعلي ، مع بيان أن دينك يمنعك من هذا الجلوس .
وإن خشيت من ذلك مفسدة وضررا - وليس مجرد إحراج لهما - كالطرد والإخراج ، أو الصدود والنفور عن الاستماع لك مع وجود بوادر الرغبة في الإسلام ، جاز لك الجلوس معهما مع كراهة القلب وإنكاره .
وينبغي أن تبيني مفاسد الخمر وأضرارها والأسباب التي ناسبت تحريمها ، وينظر السؤال رقم : (40882) للفائدة .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .