هل يجوز أن ندعو بأن يجمعنا الله بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟
سؤالي متعلق بالدعاء ففي سؤال سابق حول الدعاء بأن يشرب الإنسان من يد الرسول شربة هنيئة لا يظمأ بعدها أبداً فأفدتمونا أن ذلك لا ينبغي تداوله ، ولم يرد حول الدعاء بهذا شيء ، سؤالنا : هل يجوز الدعاء أن يجمعنا الله بالرسول حول الحوض وفي الجنة ؟ .
الجواب
الحمد لله.
الدعاء بأن يجمعنا الله تعالى بالرسول صلى الله عليه وسلم حول الحوض وفي الجنة :
دعاء صحيح محمود ؛ فقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم بأنه أول من يرد الحوض ،
وأنه سيذاد عن حوضه أناس لا يستحقون الشرب من حوضه ، ممن يعلم نفاقهم ، أو ممن ليس
له علامة الاتباع ، وهي الغرة والتحجيل ، ويذاد كذلك من كان من غير أمته ؛ إكراماً
لهذه الأمة ، ولتلحق كل أمه بنبيها لتشرب من حوضه .
وينظر جواب السؤال رقم ( 125919
) ففيه تفصيل من يُذاد عن الحوض .
فالدعاء بأن يجمع الله تعالى الداعي حول الحوض هو دعاء خير ، ومثله يقال في الدعاء
بأن يجمعه ربه تعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم بالجنة ، بل هذا يدل على علو همة
الداعي ، ويحتاج مع هذه الهمة لأعمال جليلة .
عن رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيّ قَالَ : كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ
فَقَالَ لِي : ( سَلْ ) فَقُلْتُ : أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ ،
قَالَ : ( أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ) قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ ، قَالَ : ( فَأَعِنِّي عَلَى
نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ ) .
رواه مسلم ( 489 ) .
قال ابن علان الشافعي – رحمه الله - :
"( فقلت : أسألك مرافقتك في الجنة " ) أي : أن أكون معك فيها قريباً منك ، متمتعاً
بنظرك وقربك حتى لا أفارقك ، فلا يشكل حينئذٍ بأن منزلة " الوسيلة " هي خاصة به عن
سائر الأنبياء فلا يساويه في مكانه منها نبيّ مرسل فضلاً عن غيرهم ؛ لأن المراد أن
تحصل له مرتبة من مراتب القرب التام إليه ، فكنَّى عن ذلك بالمرافقة" .
انتهى من" دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين " ( 1 / 392 ) .
ومعنى " أسألك مرافقتك في الجنة " أي : الطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو
له بذلك ، ومن المعلوم قطعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك لأحد أن يُدخله
الجنة .
وقال ابن القيم – رحمه الله - :
"ولله الهمم ؛ ما أعجب شأنها وأشد تفاوتها ، فهمة متعلقة بمن فوق العرش ، وهمة
حائمة حول الأنتان والحش ، والعامة تقول : " قيمة كل امرىء ما يحسنه " ، والخاصة
تقول : " قيمة المرء ما يطلبه " ، وخاصة الخاصة تقول : " همة المرء إلى مطلوبه " .
وإذا أردت أن تعرف مراتب الهمم فانظر إلى همة ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه
وقد قال له رسول الله ( سلني ) ، فقال : " أسألك مرافقتك في الجنة " ، وكان غيره
يسأله ما يملأ بطنه ، أو يواري جلده" .
انتهى من" مدارج السالكين " ( 3 / 147 ) .
والله أعلم
الدعاء