أنا شاب مسلم أحاول إرضاء الله تعالى
بقدر ما أستطيع ، وأدرس في إحدى الجامعات في " بنجلادش " ، تخصصي في " إدارة
الأعمال " حيث تتطلب الدراسة منّا في غالب الأحيان أن نكون على شكل مجموعات لإعداد
المشاريع والتقارير وبالتالي فإن الدرجات لا تُرصد إلا وفقاً على حسن الأداء في
المجموعة ، بما يقضي أنه لا يمكن للشخص أن ينجح في المادة إذا كان يعمل بشكل فردي ،
وما أن يدخل الشخص ضمن مجموعة حتى لا يمكنه الخروج منها إلى نهاية الفصل الدراسي ،
لذلك ينبغي على الشخص أن يحرص على اختيار المجموعة المناسبة منذ البداية ، وهذا ما
أحاول فعله باستمرار .
في بداية هذا الفصل انضممت إلى إحدى المجموعات بعد أن تأكدت من أن جميع أعضائها
جيدين فيما يبدو للناظر ، ودارت عجلة الأيام وكنت أسمع بعض الإشاعات بين الطلاب من
أن هناك مِن المدرسين مَن يمكن أن يرتشي بقنينة خمر ! لإعطاء درجات مميزة للطلاب ،
ولكني لم آبه لذلك ، وواصلت العمل الدؤوب في دراستي ومشاريعي .
وقد كُلف كل واحد في المجموعة بعمل محدد ، وبالتالي فقد كلفنا شخصاً بطباعة
التقارير والأوراق ، وكان كل واحد منّا يدفع جزءً من المال مقابل الطباعة ، وخلال
هذه المرحلة لم أكن على علم بما يخطط له بقية أفراد المجموعة من الحصول على درجة
مميزة ، فقد كانوا يخططون لشيء سيء ولا علم لي بذلك ، وكانوا يجمعون المال المرة
تلو المرة من أجل الطباعة لكن على ما يبدو أنها كانت تجمع لغرض آخر ، ألا وهو رشوة
المدرس المشرف على المجموعة بقنينة خمر ! بدأت أشك بشكل أكبر عندما جاءوا في نهاية
" الفصل الدراسي " وطلبوا منيّ مبلغاً كبيراً لطباعة التقرير النهائي والذي في
العادة لا يمكن أن يكلف كل هذه التكلفة ، ولكن مع هذا ظلت الثقة بهم قائمة ولم
أتصور أنهم يمكن أن يقدموا على مثل هذا الفعل ، ولو كنت أعلم أنهم من هذا الصنف لما
انضممت إليهم منذ البداية .
ولكن للأسف تحول الشك إلى يقين وتأكد الخبر ، وأنا الآن مغتاظ جدّاً ولم أعد آبه
لشيء من الدرجات ، فكل ما يقلقني أنني أغضبت الله وكنت طرفاً لتمويل هذا الفعل
المشين .
سؤالي هو : ما العمل الآن ؟ هل ألغي هذا " الفصل " وأعيد دراسته في الفصل القادم مع
مدرس آخر ؟ وكيف أتوب ؟ شاكراً نصحكم .
الحمد لله.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه رضاه ، ونشكر لك حرصك على الاستقامة على دين الله
تعالى ، وعدم الوقوع في الإثم ، وقد أثلجت صدرنا بموقفك المشرف في آخر رسالتك وأنك
على استعداد لإعادة الفصل الدراسي مع مدرس آخر ، وهو يدل – إن شاء الله – على صدق
عندك في السؤال لكي تستجيب لا لمجرد الاستفسار .
والذي نراه في موضوعك :
1. أنه ليس عليك إعادة الفصل الدراسي ؛ لسببين :
أ. لعدم تعلق الرشوة المدفوعة من قبل مجموعتك بنجاحك في الفصل
الدراسي ، فأنت ذكرت أنك عملت بنشاط في دراستك ومشاريعك ، فأنت مستحق – والحالة هذه
– ما وضعه ذلك المدرس المرتشي لك من درجات ، أو تستحق ـ على الأقل ـ تجاوز الفصل
إلى ما يليه .
ب. لعدم علمك بما خططت له مجموعتك ونفذته من الاتفاق مع الدرس
المرتشي ورشوته ، وما كنتَ تدفعه من مال إنما كان – في اعتقادك – من أجل مصروفات
طباعة البحوث ومتعلقاتها .
2. يجب عليك نصح أفراد تلك
المجموعة بحرمة ما فعلوا ، فالرشوة من كبائر الذنوب لو كانت مالاً ، فكيف لو كانت
خمرة محرَّمة وشربها من كبائر الذنوب ؟! .
وينظر جواب السؤال رقم ( 104241 )
.
3. ويحرم عليك مشاركتهم في
الدراسة معهم في الفصل القادم ، إلا أن يعلنوا توبتهم من فعلهم المحرَّم ويعزموا
صادقين على عدم العودة له .
4. يجب عليك أن تبلغ هذا
المرتشي ، حرمة ما فعله ، وأن تنصحه ، وتبين له حرمة ذلك ، سواء كان بتكليمه مباشرة
، إذا تمكنت من ذلك ، وغلب على ظنك أنه لا يستطيع أن يسبب لك ضررا زائدا ، أو أذى
لا تحتمله .
فإن أصرَّ على منكراته ومعاصيه ولم يُظهر ندماً ولا أسفاً على فعله : فنرى أن
تبلِّغ عنه إدارة الجامعة ، وليس شرطاً أن تُظهر نفسك وأن تعرِّف بحالك عند إبلاغهم
، ويكفيك أن تعطيهم حقائق معينة تدل على صدق كلامك ، ولتكن المسئولية بعد ذلك على
تلك الإدارة ، والمهم أن ذمتك تبرأ بالنصح له ، فإن لم تكن استجابة منه : فبالتبليغ
عن ذلك الفعل المشين للإدارة المسئولة .
لكن ، كما قلنا ، ينبغي لك أن تحسن تقدير الظرف ، ولا تدخل في مواجهة ، ربما لا
تكون متكافئة ، وتضع نفسك في عداوة صريحة ، أو خصومة مباشرة مع هذا المرتشي ، ونسأل
الله أن يعينك على طاعته وأن يوفقك لما فيه رضاه .
والله أعلم