الحمد لله.
فأفاد ظاهر هذه الآيات
العموم في أن كل ما دونه سبحانه من خلقه يسبح بحمده ، لا يخرج عن هذا العموم شيء ،
ولكن كل مخلوق له تسبيح يخصه ويناسبه . وعلى ذلك عامة أهل السنة ، وقد تواردت
نصوصهم على إثبات ذلك :
قال عكرمة : لا يَعِيبنّ أحدكم دابته ولا ثوبه ، فإن كل شيء يسبح بحمده .
"تفسير الطبري" (17 / 455)
وقال النخعي وغيره : هو عام فيما فيه روح ، وفيما لا روح فيه ، حتى صرير الباب .
"الجامع لأحكام القرآن" (10 / 268)
قال ابن كثير رحمه الله :
" وقوله : ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ) أي : وما من شيء من
المخلوقات إلا يسبح بحمد الله ( وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) أي : لا
تفقهون تسبيحهم أيها الناس ؛ لأنها بخلاف لغتكم . وهذا عام في الحيوانات والنبات
والجماد ، وهذا أشهر القولين ، كما ثبت في صحيح البخاري ، عن ابن مسعود أنه قال :
كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يُؤكل " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (5 / 79) ، وينظر : " تفسير ابن كثير" (6 / 72) .
وقال البغوي رحمه الله :
" ومذهب أهل السنة والجماعة أن لله تعالى علما في الجمادات وسائر الحيوانات سوى
العقل ، لا يقف عليه غيره ، فلها صلاة وتسبيح وخشية كما قال جل ذكره : ( وإن من شيء
إلا يسبح بحمده ) وقال : ( والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه ) وقال : ( ألم تر
أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر ) الآية ، فيجب على
المؤمن الإيمان به ويكل علمه إلى الله سبحانه وتعالى " انتهى .
"تفسير البغوي" (1 / 111)
وقال القرطبي رحمه الله :
" ذلك تسبيح مقال على الصحيح من الأقوال " انتهى .
"الجامع لأحكام القرآن" (15 / 159) وينظر أيضا : (10 / 266-268) .
وينظر أيضا : " مجموع فتاوى ابن باز" (24 / 292) .
والله أعلم .