الحمد لله.
الثاني : أن يكون القائل قصد
أنه يمكن أن تصلنا رسالة الإسلام من غير شخص النبي محمد صلى الله عليه وسلم يبلغنا
إياها ، بل نحن نعرفها من غير واسطة ، أو تهتدي إليها فطرُنا وعقولُنا دون الحاجة
لإرسال رسول : فيكون القول حينئذٍ جهلاً وكذباً ؛ لأن الله تعالى لم يُبلِّغ الخلق
رسالاته إلا عن طريق رسله ، وقد أرسلهم عز وجل مبشرين ومنذرين ليقيم الحجة بهم على
خلقه ، قال تعالى ( رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ
لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا
حَكِيمًا ) النساء/ 165 ، ولا أدري كيف سيكون هذا القائل الجاهل مسلماً من غير أن
يشهد أن محمَّداً رسول الله ؟! وكيف سيأمر الله تعالى الخلق بأن يشهدوا على كون
النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو رسوله إلى الناس وهو غير مبعوث بل ولا موجود ؟! .
وعليه : فينبغي نهي قائل تلك الكلمة القبيحة ، وتبيين خطئه وضلاله فيها ، وأنها
تتنافي مع الإيمان برسالة النبي صلى الله عليه وسلم ، وتهدم شطر الشهادة الذي لا
يصح إسلامه إلا به : ( وأشهد أن محمدا رسول الله ) ، وينبغي هجره وتعزيره وتأديبه
حتى ينتهي عن ذلك .
الثالث : أن تكون الكلمة قد قيلت في سياق لأجل الانتقاص من قدر النبي صلى الله عليه وسلم ، أو الحط من منزلته ، أو للتهوين من التعلق بشطر الشهادة الثاني : ( أشهد أن محمدا رسول الله ) لأجل جمع الناس على ( الإله ) الواحد ، دون اعتبار لتغاير الملل ، واختلاف الشرائع ؛ وهذا كفر أكبر لا شك فيه ، وقائلها في مثل هذا السياق : مرتد ، خارج من ملة الإسلام ، وقد أجمع العلماء على أن انتقاص النبي صلى الله عليه وسلم وسبَّه كفر مخرج من الملة .
فقد تبين أنه لا يصح الجزم بحكم قائل تلك الكلمة هكذا على وجه الإجمال ؛ لاختلاف أحوال قائليها ، ومن ثم اختلاف أحكامهم ، فقد تحتمل معنى صحيحاً ، وتحتمل أيضا معنى باطلاً ، ولا نرى لآحاد الناس أن يتعجل بالحكم على مثل ذلك ، بل يتوقف حتى يعرض الأمر على أهل العلم في بلده ، أو بعض من يفهم ذلك من طلاب العلم .
فإذا تبين أن قائل ذلك ، كان يقصد معنى باطلا ، أو مرادا كفريا ، ثم تاب منه توبة صادقة : فلا وجه لهجرانه أو تعزيره أو تأديبه بعد التوبة ، فمن تاب تاب الله عليه ، ولو كان من السجود للصنم ، والكفر الصريح بالله عز وجل .
والله أعلم