ما حكم كتابة أسماء الله الحسنى على الجدران, فقد رأت المدارس حلا ً لمشكلة الكتابات النابية التي تكتب على جدران المدرسة أن يكتب على المدرسة أسماء الله الحسنى . فهل الأمر مباح وجزيتم خيرا
الحمد لله.
أسماء الله تعالى ، أسماء سمى بها نفسه ، وأنزلها في كتابه ، وعلمها رسوله صلى الله عليه وسلم لأمته ؛ تعريفا لهم بخالقهم ، ليؤمنوا بما دلت عليه من الكمال والجلال ، ويثنوا بها عليه الثناء الجميل ، ويدعوه بها في السراء والضراء ، ويحصوها عقيدة وعملا ، كما قال تعالى: ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأعراف/180 ، وقال صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلاّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) رواه البخاري (2736) ومسلم (2677).
ولهذا يجب تعظيم هذه الأسماء واحترامها وتوقيرها ، بل جعلها بالمحل الأعلى من ذلك كله ، وهذا لا يتحقق في كتابتها على الجدران التي هي عرضة للأتربة والأوساخ ، وذهاب بعض الحروف المفضي لتغيير الأسماء ، وعرضة لأن يكتب بعض الأولاد معها أو تحتها شيئا ينافي تعظيمها .
وبالجملة : كتابتها على سبيل التعبد ، لا تجوز ، بل هو بدعة في الشرع .
وكتابتها للمحافظة على نظافة الجدران ، عمل قبيح ، وهو من إرادة الدنيا بعمل الآخرة ، فضلا عما فيه من امتهان هذه الأسماء .
فالواجب البعد عن ذلك .
قال ابن الهمام الحنفي : " تكره كتابة القرآن وأسماء الله تعالى على الدراهم والمحاريب والجدران " انتهى من "فتح القدير" (1/ 169) .
وقال الدردير المالكي : " وظاهره أن النقش [أي على القبر] مكروه ولو قرآنا . وينبغي الحرمة ؛ لأنه يؤدي إلى امتهانه كذا ذكروا ، ومثله نقش القرآن وأسماء الله في الجدران " انتهى من "الشرح الكبير مع الدسوقي" (1/425).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " أما كتابة الآيات على الجدران سواءً في المساجد أو غيرها فإنها من البدع ، لم يوجد عن الصحابة أنهم كانوا ينقشون جدرانهم بالآيات، ثم إن اتخاذ الآيات نقوشاً في الجدران فيه شيء من إهانة كلام الله " انتهى من "القاء المفتوح" (197/ 13).
وفي "فتاوى اللجنة الدائمة" (4/ 58) : " ولم يعرف عنه صلى الله عليه وسلم أنه كتب سورة من القرآن أو آية منه أو حديثا له أو أسماء الله تعالى على لوحات أو أطباق لتعلق على الجدران أو في الممرات من أجل الزينة أو التبرك، أو لتكون وسيلة للتذكير والبلاغ أو للعظة والاعتبار، ودرج على هديه في ذلك الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة رضي الله عنهم، وتبعهم في هذا أئمة الهدى من السلف الصالح الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون من بعده رضي الله عنهم، فلم يكونوا يكتبون شيئا من القرآن ولا الأحاديث النبوية الصحيحة ولا أسماء الله الحسنى على ألواح أو على أطباق أو أقمشة؛ ليعلقوها على الجدران للزينة أو التذكير والاعتبار بعد أن انتشر الإسلام، واتسعت رقعته وعمت الثقافة الإسلامية البلاد والأقطار، وكثر الكتاب وتيسرت وسائل كثيرة متنوعة للإعلام، كما لم يفعلوا ذلك من قبل وهم أفهم للإسلام ومقاصده وأحرص على نشره وإبلاغه، ولو كان ذلك مشروعا لدلنا عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأرشدنا إليه، ولعمل به أصحابه واستغله أئمة الهدى بعده رضي الله عنهم.
وعلى هذا: فكتابة شيء من القرآن أو الأحاديث النبوية وأسماء الله الحسنى على ألواح وأطباق أو نحوها؛ لتعلق للزينة أو التذكير أو الاعتبار، أو لتتخذ وسيلة لترويج التجارة ونفاق البضاعة وإغراء الناس بذلك ليقبلوا على شرائها، وليكون نماء المال وزيادة الأرباح عدول بالقرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن المقاصد النبيلة التي يهدف إليها الإسلام من وراء ذلك، ومخالف لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي الصحابة وأئمة السلف رضي الله عنهم، ومع هذا قد يعرض لها ما لا يليق من الإهانة على مر الأيام وطول العهد عند الانتقال من منزل لآخر، أو نقلها من مكان لآخر، وحمل الجنب أو الحائض لها، أو مسها إياها عند ذلك " انتهى .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم (127987) ورقم (254) .
والله أعلم .