الحمد لله.
ثانيا :
النفقة على الوالد إنما تجب له على ابنه إذا كان معسرا ، ولا يقدر على كسب يليق
بمثله ؛ فإن لم يكن معسرا ، أو كان معسرا ولكنه يقدر على عمل يتناسب معه : لم يجب
على ولده أن ينفق عليه ، في أظهر قولي أهل العلم .
جاء في "منح الجليل" (4/416) : " نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ الْمُعْسِرَيْنِ
بِنَفَقَتِهِمَا واجبة ، وَإِنْ كَانَ لَهُمَا خَادِمٌ وَدَارٌ لَا فَضْلَ فِيهِمَا
, وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ ، وَهُوَ قَوْلُ
الْبَاجِيَّ وَمَنْ وَافَقَهُ . وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُجْبَرُ عَلَى عَمَلِ
صَنْعَتِهِ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ، وَعَلَيْهِ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ ، وَهُوَ
الظَّاهِرُ قِيَاسًا عَلَى الْوَلَدِ ؛ فَإِنَّهُ اُشْتُرِطَ فِي وُجُوبِ
نَفَقَتِهِ عَلَى أَبِيهِ عَجْزُهُ عَنْ التَّكَسُّبِ بِصَنْعَةٍ لَا تُزْرِي بِهِ
" انتهى بتصرف . وينظر: "حاشية الدسوقي" (2/523).
وقال في "كشاف القناع" (5/ 481-482) :
" وَيَتَلَخَّصُ لِوُجُوبِ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْقَرِيبِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ :
أَحَدُهَا : أَنْ يَكُونَ الْمُنْفَقُ عَلَيْهِمْ فُقَرَاءَ لَا مَالَ لَهُمْ وَلَا
كَسْبَ يَسْتَغْنُونَ بِهِ عَنْ إنْفَاقِ غَيْرِهِمْ ، فَإِنْ كَان الْمُنْفَقُ
عَلَيْهِمْ مُوسِرِينَ بِمَالٍ أَوْ كَسْبٍ يَكْفِيهِمْ فَلَا نَفَقَةَ لَهُمْ ؛
لِفَقْدِ شَرْطِهِ فَإِنْ لَمْ يَكْفِهِمْ ذَلِكَ وَجَبَ إكْمَالُهَا .
الثَّانِي : أَنْ تَكُونَ لِمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ مَا يُنْفَقُ
عَلَيْهِمْ فَاضِلًا عَنْ نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ وَقَنِّهِ .
الثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ الْمُنْفِقُ وَارِثًا لِلْمُنْفَقِ عَلَيْهِ بِفَرْضٍ
أَوْ تَعْصِيبٍ " انتهى مختصرا .
ثالثا :
ليس للزوج أن يأخذ من مال زوجته ليعطي أباه أو أمه أو إخوته بغير رضاها .
ولا يحل للزوج من مال زوجته إلا ما تبذله له عن طيب نفس منها .
راجعي جواب السؤال رقم : (163541)
.
والذي نراه أن الولد ينبغي أن يعطي والده شيئا من الصلة ، بحيث لا يضر ذلك
بحاجتكم ، ولا يجحف بكم ، ويسعى هو وإخوته لتشجيع والدهم على العمل .
وبالإمكان أن تفصلي راتبك عن راتب زوجك ، فتدخري راتبك كاملا ، ويقوم زوجك بالنفقة
عليك وعلى أولاده ، وتحمل أعباء المعيشة ، فهذا واجبه أصلا ، ثم إن بقي منه شيء ،
وصل منه والده بقدر لا يضر بكم ولا يجحف بأبنائه ، ثم يضم ما يتبقى منه إلى ما عندك
من المال ، وتضعونه في شراء المنزل ، أو تدخرونه لحاجتكم .
لكن مع الحذر التام من أن يؤدي ذلك الخيار إلى حساسية ، أو اضطراب في علاقتك
بزوجك ، وأنت أقدر على تقدير الظرف من خلال معايشتك له .
فإن خفت شيئا من ذلك ، فكوني له على ما كنتما عليه ، واجتهدي في إرشاده إلى تدبير
الصالح لكما ولأولادكما ، مع الحذر من قطيعة والده ، أو ترك صلته والإحسان إليه ،
بشيء ينفعهم ، ولا يضركم .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (130599) .
والله تعالى أعلم .