الفرق بين الاحتلام والنظر إلى النساء

12-06-2002

السؤال 21784

الاحتلام يزيد الشهوة ؛ فما الفرق بين الاحتلام وبين النظر إلى النساء الأجانب من خلال التلفاز ؟.

الجواب

الحمد لله.

المقارنة بين هذين الأمرين باطلة من أصلها ، وما بُني على شيء باطل كان باطلاً .

وبطلان ذلك لأمور :

أولا :

أن الاحتلام وهو : عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء ومن ذلك ما يرى الرجل من صورة الجماع وتمثيله وتخيل العملية الجنسية في المنام . وهذا أمر طبيعي ، ويراه كل من الرجل والمرأة ، وهذا لا حرج فيه ولا إثم على المرء فيه ، وقد جاء في حديث أُم سُلَيْمٍ حَدَّثَتْ أَنَّهَا سَأَلَتْ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَتْ ذَلِكِ الْمَرْأَةُ فَلْتَغْتَسِلْ ) رواه مسلم ( الحيض/469 ) .

ثانيا : أن الاحتلام لا كسب للمرء ولا قدرة له على منعه ، وإنما هو إخراج لفضلات الجسم التي تضرُّ الجسم لو بقيت فيه ، ولذلك أحياناً يرى في منامه شيئاً ، وقد لا يرى شيئاً . لذلك لم يكن محرَّماً ، قال تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ) البقرة/286 .

واما الاستمناء فإنه محرم لأنه يحصل بقصد المرء وإرادته ، ويراجع جواب سؤال (329) .

ومثله النظر إلى النساء فإنه حاصل باختيار الإنسان وقصده وتعمُّده فلهذا مُنع منه .

ولما كانت نظرة الفجأة لا قدرة للعبد في منعها لم يؤاخذ المرء عليها إذا لم يقصد ، وإنما كان الإثم على الاسترسال فيها ، فقد جاء في الحديث : ( عَلِيُّ لا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخرة ) رواه الترمذي ( الأدب/2701 ) وحسّنه الألباني في صحيح الترمذي برقم (2229)  ومعنى لك الأولى : ( أي إذا كانت من غير قصد ) وليست لك الآخرة ( لأنها باختيارك فتكون عليك ) .

ثالثا : أن الله عز وجل قد أمر المؤمنين بغض البصر فقال تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) النور/30 وأمر بذلك رسوله عليه الصلاة والسلام فعَنْ جَرِيرٍ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظْرَةِ الْفَجْأَةِ فَقَالَ : ( اصْرِفْ بَصَرَكَ ) رواه أبو داود ( النكاح/1836 ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (1880) . ولذلك يجب امتثال أمر الله ورسوله قال تعالى : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النور/63

ومما ينبغي أن يعلمه العبد ويعتقده أنّ الله عز وجل لم يُكلِّف العباد بما يشقُّ عليهم ويُعنِتَهم ( أي يضيِّق عليهم ويحرجهم ) فهو جل وعلا لا يأمر بأمر مستحيل ، ومن ذلك الأمر بغض البصر . فإنه بوسع المكلَّف أن يمتثل هذا الأمر .

ولكن لما كان طريق الجنة محفوفاً بالمكاره , وطريق النار محفوفاً بالشهوات جعل الله في ذلك ابتلاءً واختباراً لعباده ، فمن امتثل أمر الله عز وجل وابتعد عن نهيه كانت له العاقبة والآخرة الحسنة . والعكس بالعكس .

رابعاً :

أن الله عز وجل أمر بغض البصر وحرّم النظر إلى النساء لما يترتَّب على ذلك من المفاسد العظيمة فالنظر بريد الزنا والعياذ بالله . ولذلك جاء في الحديث عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ ) رواه البخاري ( القدر/6122 ) ، فإذا غض المرء بصره عما حرَّم الله فما الذي يدعوه إلى الفاحشة !! . والواجب على المسلم أن يبتعد عن كل طريق إلى الفاحشة من نظر إلى النساء أو التفكير والتأمل الذي يأجِّج الشهوة ويزيدها . ومن يفعل ذلك فإنما يزيد نفسه همَّاًً وغمّاً وحُرقة ولا فائدة .

         فإنك إن أرسلت طرفك رائداً                              لقلبك يوماً أتعبتك المناظر

        رأيت الذي لا كله أنت قادر                                عليه ولا عن بعضه أنت صابر

وقال الشاعر :

       كم نظرة فتكت في قلب صاحبها                             فَتْكَ السِّهام بلا قوس ولا وَتَر

وقيل : الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده .

نسأل الله الهداية للجميع . والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد .

العشق ومقدمات الفاحشة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب