أسأل عن الفهم الصحيح لحديث (خلق آدم على صورة الرحمن ) ؟.
الحمد لله.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ ..) رواه البخاري (6227) ومسلم (2841)
أما حديث : ( لا تقبِّحوا الوجه ، فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن )
فقد ضعّفه الألباني في السلسلة الضعيفة رقم (1176) .
ولعل السائل أشكل عليه فهم هذا الحديث مع قول الله تعالى : ( ليس كمثله شيء ) الشورى /25 .
وقد أجاب العلماء عن هذا الإشكال بجوابين :
الأول : جواب مجمل . الثاني : جواب مفصل .
أما الجواب المجمل : فهو أنه لا يمكن أن يناقض هذا الحديث قوله تعالى : ( ليس كمثله شيء ) الشورى/11 ، فإن يسّر الله لنا التوفيق بينهما ، وإلا فإننا نقول : (ءَامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ ) آل عمران / 7 ، وعقيدتنا أن الله لا مثيل له ، وبهذا نسلم أمام الله عز وجل . وهذا كلام الله , وهذا كلام رسوله والكل حقّ ولا يمكن أن يكذِّب بعضه بعضاً . فنقول الآية فيها نفي مماثلة الخلق لله تعالى ، والحديث فيه إثبات الصورة لله عز وجل ، والكل حق نؤمن به ، ونقول كل من عند ربنا ، ونسكت ، وهذا غاية ما نستطيع .
انظر شرح الواسطية لابن عثيمين .
وأما الجواب المفصل :
فهذا الحديث يثبت أن الله تعالى له صورة ، وأن آدم عليه السلام خلقه الله تعالى على صورته .
ولكن ليس في هذا الحديث ما يدل على أن صورة آدم عليه السلام مماثلة لصورة الله تعالى ، بل هذا المعنى باطل قطعاً ، ولم يرده الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن الله تعالى يقول : ( ليس كمثله شيء ) ولا يلزم من تشبيه شيء بشيء أن يكون مثله مطابقاً له من كلِّ وجه ، بل تحصل المشابهة بالاشتراك في بعض الصفات ولا يشترط تطابق كل الصفات وتماثلها .
ودليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ " رواه البخاري (3327) ومسلم (2834)
فليس معنى هذا الحديث أنهم دخلوا الجنة وصورتهم مطابقة لصورة القمر من كلّ وجه ، وإلا لزم من ذلك أنهم دخلوا الجنة وليس لهم أعين ولا أفواه ، وإن شئنا قلنا : دخلوا وهم أحجار !!
وإنما معنى الحديث أنهم على صورة القمر في الحسن والوضاءة والجمال واستنارة الوجه ، وما أشبه ذلك .
فإذا قلت : ما هي الصورة التي تكون لله عز وجل ويكون آدم عليها ؟
قلنا : إن الله عز وجل له وجه وله عين وله يد وله رجل عز وجل ، لكن لا يلزم من أن تكون هذه الأشياء مماثلة للإنسان فهناك شيء من الشبه ، لكن ليس على سبيل المماثلة ، كما أن الزمرة الأولى من أهل الجنة فيها شبه بالقمر ، لكن بدون مماثلة . وبهذا يصدق ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة ، من أن جميع صفات الله سبحانه وتعالى ليست مماثلة لصفات المخلوقين من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل .
انظر شرح العقيدة الواسطية للشيخ محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص/107-110.