يجب على من تقدم لشغل وظيفة أن يراعي الصدق والأمانة
هل يجوز أن يقوم الشخص بالترويج لنفسه من خلال ذكر محاسنه وإيجابياته واخفاء جوانبه السلبية للحصول على الوظيفة ، حيث يعد الأمر ضرورياً وشائعاً هذه الأيام إن الشخص يريد الحصول على الوظيفة ؟ وفي حال تعرض الشخص لسؤال عن سلبياته ، فإنه من المفترض أن يوضح الشخص كيف أنه سوف يتغلب على هذه السلبية ، وفقاً للخبراء . وفي بعض الأحيان ، يتوجب على الشخص ذكر الأسباب التي تجعل منه الشخص الأفضل للحصول على الوظيفة ، أو كيف أنّ مهاراتك ( مثل العمل بجد ، امتلاك الدافع الذاتي ، الشغف لهذا النوع من العمل ، وما إلى ذلك ) تلبي متطلبات الشركة . ولكن أنا أخشى أن يؤدي ذلك إلى الشعور بالأنانية وحب الذات ، والفخر ، والتكبر . وعلى الرغم من أنني اضطررت لكي أقوم بمثل هذا الفعل ، إلا أنني لم أؤمن أنني حقاً امتلك كل الصفات الإيجابية التي ادعيت أنها عندي ، ولذلك كنت في خوف دائم أنهم سوف يكتشفون عدم صحة كلامي ، فضلاً عن شعوري بالذنب لإخفاء حقيقة ذاتي ، ولكن ماذا أفعل غير ذلك ؟ هل ارتكبت إثماً ؟ الرجاء الجواب بشيء من التفصيل حول هذا الموضوع وإخباري بالطريقة المناسبة لحل هذه المشكلة ؟
الجواب
الحمد لله.
أولاً :
الأصل أن ذكر محاسن النفس ، ومدحها مذموم ، وأقل أحواله الكراهة ، لكن في موضع
الحاجة والمصلحة يرخص في مثل ذلك ، بقدر ما تقتضيه الحاجة .
راجع جواب السؤال رقم : (216702).
فلا حرج على من تقدم للالتحاق بعمل ما أن يذكر مؤهلاته وصفاته التي تؤهله لهذا
العمل .
ولكن ... يجب عليه أن يكون صادقاً . قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى
أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ) النساء/ 135.
قال السعدي رحمه الله :
"ومن القسط [ أي العدل ] أداء الشهادة التي عندك على أي وجه كان ، حتى على الأحباب
بل على النفس ..... وأعظم عائق لذلك اتباع الهوى ، ولهذا نبه تعالى على إزالة هذا
المانع بقوله : ( فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا ) أي : فلا تتبعوا
شهوات أنفسكم المعارضة للحق ، فإنكم إن اتبعتموها عدلتم عن الصواب ، ولم توفقوا
للعدل ، فإن الهوى إما أن يعمي بصيرة صاحبه حتى يرى الحق باطلا والباطل حقا ، وإما
أن يعرف الحق ويتركه لأجل هواه ، فمن سلم من هوى نفسه وفق للحق وهدي إلى الصراط
المستقيم ". انتهى من "تفسير السعدي" (ص208).
وقال ابن كثير رحمه الله :
" ( وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ ) أَيْ : اشْهَدِ الْحَقَّ وَلَوْ عَادَ ضَرَرُهَا
عَلَيْكَ ، وَإِذَا سُئِلت عَنِ الْأَمْرِ فَقُلِ الْحَقَّ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ
مَضرة عَلَيْكَ ، فَإِنَّ اللَّهَ سَيَجْعَلُ لِمَنْ أَطَاعَهُ فَرَجًا وَمَخْرَجًا
مَنْ كُلِّ أَمْرٍ يَضِيقُ عَلَيْهِ " انتهى من "تفسير ابن كثير" (2/ 433).
فمن احتاج إلى مدح نفسه وذكر إيجابياته فليتحر الصدق والأمانة ، ولا يصف نفسه بما
ليس فيه ، ولا يدعي لنفسه علما لا يعلمه ، أو فنا لا يتقنه ، أو عملا لا يحسنه.
ثانيا :
أما إخفاء سلبياته وعيوبه :
- فإن كانت هذه العيوب لا علاقة لها بالعمل ، كأن يكون بخيلا مثلا ، فلا حرج عليه
في إخفائها .
- أما إن كانت لها علاقة بالعمل ، كأن يكون كثير النوم بالنهار ، مما يترتب عليه
تأخره عن العمل ، أو عصبي المزاج يكثر من الشغب ولا يتحمل الناس : فالواجب إظهار
هذه العيوب وعدم كتمانها .
وإن كانت سلبياته مما يمكنه معالجتها فلا حرج عليه أن يذكرها ويعد بمعالجتها
والتخلص منها .
وانظر للفائدة الفتوى رقم : (154060).
والله تعالى أعلم .