الحمد لله.
فدل الحديث والأثر على أن المهدي الذي
يبعث آخر الزمان يوافق اسمه اسم النبي صلى الله عليه وسلم ، واسم أبيه اسم أبيه .
وهذا يعني أن اسمه : " محمد بن عبد الله " . وهذا هو ما نص عليه أهل العلم :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" أخبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن اسمه "محمد بن عبد الله" .
انتهى من "جامع المسائل" (3/ 99) .
وقال أيضا :
" الْمَهْدِيُّ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ " .
انتهى من "منهاج السنة النبوية" (4/ 95) .
وقال أيضا :
" وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ الْحَدِيثُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْمَهْدِيِّ:
(يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي) : صَارَ يَطْمَعُ كَثِيرٌ
مِنَ النَّاسِ فِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَهْدِيَّ ، حَتَّى سَمَّى الْمَنْصُورُ
ابْنَهُ مُحَمَّدًا وَلَقَّبَهُ بِالْمَهْدِيِّ مُوَاطَأَةً لِاسْمِهِ بِاسْمِهِ
وَاسْمِ أَبِيهِ بِاسْمِ أَبِيهِ ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمَوْعُودَ بِهِ "
انتهى من "منهاج السنة النبوية" (4/ 98) .
وقال ابن كثير رحمه الله :
" وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيُّ الْفَاطِمِيُّ الْحَسَنِيُّ ،
وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، يُصْلِحُهُ اللَّهُ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، أَيْ: يَتُوبُ
عَلَيْهِ ، وَيُوَفِّقُهُ، يُلْهِمُهُ رُشْدَهُ ، بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ
" .
انتهى من "البداية والنهاية" (19/ 62) .
وقال القاري رحمه الله :
" ( يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِيَ، وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي ) : فَيَكُونُ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، فِيهِ رَدٌّ عَلَى الشِّيعَةِ ; حَيْثُ
يَقُولُونَ: الْمَهْدِيُّ الْمَوْعُودُ هُوَ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ، وَهُوَ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيُّ " .
انتهى من "مرقاة المفاتيح" (8/ 3439) .
وقال في "عون المعبود" (11/ 250):
" (يواطىء اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي) فَيَكُونُ مُحَمَّدَ بْنَ
عَبْدِ اللَّهِ ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الشِّيعَةِ " انتهى .
وينظر : "الشفا" للقاضي عياض رحمه الله (2/ 470-471) .
وعلى هذا ؛ فالمهدي الذي أخبر عنه
النبي صلى الله عليه وسلم اسمه (محمد بن عبد الله) .
لأن "محمد" أشهر أسمائه صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي يذكر في الشهادتين ، والأذان
، والتشهد ، وغير ذلك من شعائر العبادات ، وهو الذي ذكر في عامة موارد النداء في
القرآن .
ولأن المتبادر إلى الذهن من قوله صلى
الله عليه وسلم : (اسم أبي) أنه أبوه مباشرة ، وليس أحد أجداده ؛ فلا ينصرف إلى
غيره إلا بقرينة واضحة .
قال الإمام البخاري :
" بَاب مَا جَاءَ فِي أَسْمَاء رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَوْله عَزَّ وَجَلَّ : ( مُحَمَّد رَسُول اللَّه وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء
عَلَى الْكُفَّار ) وَقَوْله : ( مِنْ بَعْدِي اِسْمه أَحْمَد )" انتهى .
قال الحافظ ابن حجر :
"كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى أَنَّ هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ أَشْهَر أَسْمَائِهِ ,
وَأَشْهُرهمَا مُحَمَّد , وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْقُرْآنِ , وَأَمَّا أَحْمَد
فَذُكِرَ فِيهِ حِكَايَة عَنْ قَوْل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام " انتهى من " فتح
الباري" (6/555) .
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بذلك أن يعين لنا اسم المهدي حتى نعرفه بذلك ، ولا يلتبس علينا ، فإذا كان المراد أحد أجداده ، لم يحصل بذلك تعيين الاسم ، ولفات المقصود من الحديث .
أما : الماحي ، والحاشر ، والعاقب ،
فهذه وإن كانت من أسمائه صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه لا يعبر بها عنه عند الإطلاق
، بل لابد أن تقرن هذه الأسماء بما يبين معناها ، ويبين الصفة التي تضمنتها ، وبها
تنطبق على الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولذلك قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم :
(أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ ) ثم قال : ( وَأَنَا الْمَاحِي، الَّذِي
يُمْحَى بِيَ الْكُفْرُ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى
عَقِبِي ، وَأَنَا الْعَاقِبُ وَالْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ ) رواه
البخاري (3532) ، ومسلم (2354) .
وينظر : "زاد المعاد" لابن القيم (1/84) .
والله تعالى أعلم .