الحمد لله.
وعلى هذا ؛ فالرقية الشرعية
بآيات القرآن الكريم أو الأدعية ، كل ذلك نافع من جميع أدواء القلب والبدن ، سواء
كانت عضوية أو نفسية .
فمهما كان الداء ، فإن هذه العلاجات الشرعية هي أول ما يباشره المسلم من العلاج .
فإن زال البلاء : فالحمد لله .
وإن لم يزل : فربما يزول بالأدوية الطبية المباحة ؛ فإن الله ما أنزل من داء إلا
وأنزل له دواء ، وهذا الدواء المنزل قد يكون الرقية الشرعية ، وقد يكون الأدوية
المباحة التي يتناولها الإنسان .
والعلاج في العيادات الطبية ، النفسية أو العضوية ، لا يتنافى مع العلاج بالقرآن
والرقى الشرعية ، فهما سببان لحصول الشفاء ، يتكاملان ولا يتضادان .
فالذي ننصح به : عدم التفريق بين مستدعيات العلاج بالرقى الشرعية ، ومستدعيات
العلاج بالأدوية النفسية ، فمتى أصيب الإنسان بحالة مرضية – مهما كان توصيفها –
فإنه يستعمل أولا العلاج الشرعي بالقرآن والرقى والتعاويذ الشرعية ، فإن استمر به
الداء ، فإنه يعرض نفسه على طبيب بشري ، وهو مع ذلك : لا يترك الرقية الشرعية ،
وإنما يضيف إليها العلاج بالأدوية .
ومن أعظم أسباب حصول المشاكل والحالات النفسية المرضية : الذنوب والمعاصي والبعد عن الله ، فيكون العلاج هو التوبة ، والرجوع إلى الله ، والإكثار من العمل الصالح ، كالصلاة وقراءة القرآن وذكر الله تعالى .
يقول الشيخ ناصر العقل حفظه
الله :
" الرقية المشروعة علاج بإذن الله عز وجل من أمراض القلوب وأمراض الأبدان ، أمراض
القلوب سواء كانت نفسية أو غيرها ، كضيق الصدر والقلق والخوف والاضطراب وقسوة
القلوب ، وغير ذلك مما يعتري البشر ، خاصة إذا كثرت أسباب قسوة القلوب ، وأكثر ما
يحتاج الناس في الرقية اليوم ، وفي عصرنا وفي وقتنا هذا ، في علاج أمراض القلوب =
الأمراض النفسية ، وهي داخلة ضمن أمراض القلوب .
أما أمراض الأبدان ، الأمراض العضوية ، فلا شك أن القرآن والأدعية المشروعة سبب
بإذن الله عز وجل من أسباب العلاج لكثير من الأمراض العضوية ، بل عامة الأمراض التي
يتناولها الطب ويعالجها أيضاً ممكن علاجها بالقرآن ، فما دام المرض يحتمل أن يعالج
، فإن الاستشفاء بالرقية على الوجه الشرعي : يكون من أسباب علاج المرض بإذن الله ،
سواء كان نفسياً قلبياً أو عضوياً .
والرقية لا تتنافى - مع بذل الأسباب الأخرى - لا تتنافى مع مراجعة الأطباء ، بل
الرقية لا تتنافى مع طلب العلاج عند الطبيب النفسي ، بل هذا خير على خير ، سبب
معنوي وسبب مادي ، بعض الناس يظن أنه إذا ذهب للراقي يقطع الدواء ، ولا يعالج في
عيادة نفسية ، وهذا وهم ولا أصل له ، لا شرعاً ولا عرفاً ، ولا أيضاً عند المجربين
الذين يأخذون بالقواعد الشرعية .
لكني أسمع من بعض المختصين بالرقية كلاما ، في الحقيقة هو محل نظر ، يقولون : إن
بعض الأدوية النفسية تخفف أثر الرقية على المريض ، بل بعضهم يدعي أنه أحياناً ينعكس
أثر الرقية على المريض إذا كان يمارس علاجاً نفسياً .
هذا نادر ، والنادر لا حكم له ، فلا أسلم لهم بأن هذه قاعدة عامة ، بل يجب أن
نبعدها من أن تكون قاعدة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( تداووا عباد الله
) ، فلا يمكن أن العلاج بالقرآن والأدعية يتنافى مع العلاجات الطبيعية ، والله عز
وجل شرع هذا وشرع هذا .
وهذه ربما من عبث الجن والشياطين بالناس ؛ لأن بعض الذين يعالجون يقول : كأن الجني
يقول : أبعدوا عني هذا الدواء ، المريض هذا يأخذ علاجاً نفسياً أرهقني وآذاني !!
نقول : آذاك ؛ لأنك آذيت المسلم ، ولماذا تجعلون هذا السبب في حرمان الناس من
الأدوية ؟
كثير من الأمراض علاجها عند الطب النفسي ، مع الرقية ، كثير من الأمراض التي أصابت
الناس اليوم - وهي كثيرة - هي الأمراض النفسية ، وعلاجها بإذن الله عند العيادات
النفسية ، مع الرقية بالقرآن .
كذلك بعض الناس وهذه الحقيقة في مجتمعنا ليس لها أصل شرعي ولا واقعي ولا علمي ،
بعضهم يرون أن مراجعات العيادات النفسية عيب ، وأمر يستحى منه ، حتى إن بعضهم يعتقد
أنه ما يذهب للأطباء النفسيين إلا المجانين !!
هذا أمر غريب ، الطب النفسي اليوم رحمة لكثير من العباد ، ولا يتنافى مع الإيمان ،
ولا مع العبادة ، ولا مع الصلاح ولا مع التوكل على الله ، ولا يتنافى مع الرقية ،
هذا هو الأصل ، لا يمكن أن يتنافى سببان شرعيان أبداً ، والله عز وجل شرع هذا وشرع
هذا " .
http://audio.islamweb.net/audio/Fulltxt.php?audioid=210919
وينظر للفائدة إجابة السؤال رقم : (240) ، والسؤال رقم : (144835) .
والله أعلم .