هل يجوز تنويع الطعام لكفارة اليمين، مثلا إذا وجدت بيتا فيه 10 مساكين، هل يجوز أن أعطي مالك البيت 15 كيلوغراما من الطعام لكن متنوعة، مثلا 2 كغ من الأرز، و2 كغ من الدقيق، و 2 لتر من الحليب، و1 لتر من الزيت؟ أم أكتفي بنوع واحد، أو أنواع محددة من الطعام؟
الحمد لله.
أولا :
يجوز أن تدفع كفارة اليمين لأسرة مكونة من عشرة مساكين، وليس في هذا اختلاف بين أهل العلم، لأن الواجب هو إطعام عشرة مساكين، ولم يقيد ذلك بأن لا يكونوا من أسرة واحدة .
قال الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعاّمُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ المائدة/89.
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء (23/20) :
"شخص دفع مقدارا من المال، وذلك بسبب الحنث باليمين إلى آخر ليقوم بإطعام عشرة مساكين ولم نجد بالحي العشرة متفرقين، فهل يجوز دفع هذا المبلغ إلى أسرة يوجد بها هذا العدد أو أكثر أو أقل، وكيف يتم الإطعام، هل يدفع المبلغ أم يتعين الإطعام كما جاء في كتاب الله عز وجل، أو يدفع إليهم أرزا وزيتا ودجاجا أو لحما!؟ جزاكم الله خيرا، ووفقكم الله.
ج : الواجب دفع كفارة اليمين لعشرة مساكين؛ لقوله تعالى: (إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ) ولو دفعها إلى بيت عائلة فقراء وهم عشرة أو أكثر أجزأ ذلك ، فإن كانوا أقل من عشرة كمل العشرة من غيرهم، ويدفع الكفارة من الطعام مقدار نصف صاع لكل مسكين من قوت البلد، وإن جعل معها إداما من اللحم أو السمن أو الزيت فهو أفضل، ولا يجوز دفعها نقودا؛ لأن ذلك خلاف ما نص عليه القرآن الكريم. وبالله التوفيق " انتهى .
ثانيا :
يجوز أن تتعدد الأجناس في الإطعام ، فيطعم بعض المساكين برا ، وبعضهم شعيرا، وبعضهم تمرا، وبعضهم أرزا ونحو ذلك .
قال ابن قدامة :
"وَإِنْ أَطْعَمَ بَعْضَ الْمَسَاكِينِ بُرًّا، وَبَعْضَهُمْ تَمْرًا، أَوْ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ، أَجْزَأَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُجْزِئُهُ. وَلَنَا، قَوْله تَعَالَى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ [المائدة: 89] . وَقَدْ أَطْعَمَهُمْ مِنْ جِنْسِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَسَا بَعْضَ الْمَسَاكِينِ قُطْنًا، وَبَعْضَهُمْ كَتَّانًا، جَازَ، مَعَ اخْتِلَافِ النَّوْعِ، كَذَلِكَ الْإِطْعَامُ" في "المغني" (9/561) .
ولم يأت في السنة تقدير الطعام الواجب إخراجه في كفارة اليمين، غير أن بعض الفقهاء اجتهدوا فقاسوا كفارة اليمين على كفارة الحج ، كما في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يخرج نصف صاع عن كل مسكين ، ونصف الصاع يساوي كيلو ونصفا تقريبا، وذهب بعضهم إلى أن الإطعام في كفارة اليمين يكون ربع صاع لكل مسكين .
فإذا كنت أخرجت طعاما يكفي لإطعام عشرة مساكين – وكان هذا وسطا – مما تطعمين فإن ذلك يكون مجزئا، ولا يجب أن يكون مقدارا محددا من الطعام.
وينظر جواب السؤال: (139050).
ثالثا:
الذي يجزئ في كفارة اليمين من الأصناف المذكورة في السؤال: إنما هو الأرز، والدقيق: لأنهما من طعام الناس، بل هما أصل طعام الناس. ولو أخرج معهما إداما، فهو أحسن.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (99743).
وأما الحليب، فلم يعد طعام الناس الذي يتقوتون به، ويشبعهم. فلا يجوز الاكتفاء به في كفارة اليمين، في المعتاد من حال الناس اليوم؛ ما لم يكن معه شيء من الطعام، خبز، أو أرز، أو دقيق، أو قمح.
ويستثنى من ذلك صورتان، يجوز فيهما إخراج الحليب في كفارة اليمين:
الأولى: أن يكون المساكين الذين تعطيهم الكفارة من أهل البادية الذين يقتاتونه، وربما اكتفوا به؛ إن كان في بلادكم مثل هؤلاء.
الثاني: أن يكون في المساكين أطفال، عائلهم فقير، لا يملك ثمن غذائهم، وكانوا يغتذون بمثل هذا الحليب.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (133076)، ورقم: (278729).
وأما الزيت فلا يجوز أن يكون هو "كفارة اليمين"؛ إلا أن يكون الأصل فيها شيئا غيره مما يصلح كفارة، كالأرز، والقمح، ونحو ذلك، ويكون الزيت معه زائدا. فالزيت ليس شيئا من طعام الناس، لا اليوم، ولا قبل ذلك، ولا يقتاتونه؛ وإنما غاية الجيد منه: أن يكون إداما، يأتدمه الناس "غموسا لطعامهم"؛ وإنما الزيت اليوم: مما يصلح به الطعام، وليس هو طعاما في نفسه؛ فلا يصح إخراجه في كفارة اليمين، بنفسه.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (314921)، ورقم: (297351).
والله أعلم .