الحمد لله.
ثم أخبر الله عن تبدل الأرض، وانشقاق السماء، وأخبر الله أن الملائكة تكون على أرجاء السماء، ثم قال: ( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) أي: يوم القيامة يحمل العرش ثمانية من الملائكة.
يقول ابن تيمية: " وأما العرش : فالأخبار تدل على مباينته لغيره من المخلوقات، وأنه ليس نسبته إلى بعضها ، كنسبة بعضها إلى بعض، قال الله تعالى: ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ) غافر/7، وقال سبحانه: (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ) الحاقة/17 .
فأخبر أن للعرش حملة اليوم ، ويوم القيامة، وأن حملته ، ومن حوله : يسبحون ويستغفرون للمؤمنين "انتهى من "الرسالة العرشية" (7) .
واختلف في المراد بقوله تعالى: ثمانية:
1- فقال بعض العلماء: عني به ثمانية صفوف من الملائكة، لا يعلم عدتهن إلا الله.
2- وقال بعضهم: بل عني به ثمانية أملاك .
انظر:"تفسير الطبري" (23/ 227 - 230).
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" وقوله وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ [الحاقة 17] : يوجب أن لله عرشًا يحمل ، ويوجب أن ذلك العرش ليس هو الملك ، كما تقوله طائفة من الجهمية ، فإن الملك هو مجموع الخلق ، فهنا دلت الآية على أن لله ملائكة من جملة خلقه ، يحملون عرشه ، وآخرون يكونون حوله .
وعلى أنه يوم القيامة يحمله ثمانية ، إما ثمانية أملاك ، وإما ثمانية أصناف وصنوف .." . انتهى من "بيان تلبيس الجهمية" (3/278) .
قال القاسمي رحمه الله ، بعد حكاية الخلاف في ذلك :
" ومثله، من الغيوب التي يؤمن بها، ولا يجب اكتناهها. " انتهى من "محاسن التأويل" (9/310) .
والله أعلم .