الحمد لله.
أولا:
الشركة عقد جائز غير لازم ، فيجوز للشريك فسخ العقد متى شاء بغير رضا الطرف الآخر.
ويجوز توقيت الشركة بمدة معينة عند الحنفية والحنابلة.
جاء في "الموسوعة الفقهية "(38/ 64): " توقيت المضاربة أو تعليقها:
اختلف الفقهاء في توقيت المضاربة أو تعليقها:
فذهب الحنفية والحنابلة في المذهب إلى أنه يصح توقيت المضاربة بزمن معين، فلو قال رب المال للمضارب: ضاربتك على هذه الدراهم أو الدنانير سنة جاز، لأن المضاربة تصرف يتقيد بنوع من المتاع فجاز تقييده بالوقت، ولأن المضاربة توكيل وهو يحتمل التخصيص بوقت دون وقت ...
وقالوا: يصح تعليق المضاربة ولو على شرط مستقبل كإذا جاء رأس الشهر فضارب بهذا على كذا، لأنه إذن في التصرف، فجاز تعليقه كالوكالة.
وذهب المالكية والشافعية والحنابلة في إحدى الروايتين إلى أنه لا يجوز توقيت المضاربة أو تعليقها، فلو أجل العمل فيها ابتداء أو انتهاء ، كاعمل فيها سنة من الآن، أو إذا جاء الوقت الفلاني فاعمل فيها، فسدت المضاربة، لما في ذلك من التحجير المنافي لسنة المضاربة، ولأن عقد المضاربة يبطل بالجهالة فلم يجز تعليقه على شرط مستقبل، ولإخلال التوقيت بمقصود المضاربة وهو الربح، فقد لا يتحقق الربح في المدة المؤقتة" انتهى.
ومن أجاز التوقيت في الشركة أو المضاربة منع من لزوم العقد ، فتؤقت الشركة بمدة ، لكن للشريك أن يفسخ ، ولا يصح اشتراط لزوم الشركة وعدم الفسخ، في المذاهب الأربعة، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم : (284292) .
وذهب بعض أهل العلم إلى لزوم العقد وعدم الفسخ إذا وقت العقد بمدة ، وبهذا أخذ مجمع الفقه الإسلامي، والمعايير الشرعية.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن المضاربة:
" ب ـ لزوم المضاربة إلى مدة معينة ، وتوقيت المضاربة :
الأصل أن المضاربة عقد غير لازم ويحق لأي من الطرفين فسخه ، وهنالك حالتان لا يثبت فيهما حق الفسخ وهما:
( 1 ) إذا شرع المضارب في العمل حيث تصبح المضاربة لازمة إلى حين التنضيض الحقيقي أو الحكمي .
( 2 ) إذا تعهد رب المال أو المضارب بعدم الفسخ خلال مدة معينة ، فينبغي الوفاء ، لما في الإخلال من عرقلة مسيرة الاستثمار خلال تلك المدة .
ولا مانع شرعا من توقيت المضاربة باتفاق الطرفين ، بحيث تنتهي بانتهاء مدتها دون اللجوء إلى طلب الفسخ من أحدهما ، ويقتصر أثر التوقيت على المنع من الدخول في عمليات جديدة بعد الوقت المحدد ، ولا يحول ذلك دون تصفية العمليات القائمة " انتهى من "قرارات وتوصيات مجمع الفقه" ص215، ترقيم الشاملة.
وجاء في "المعايير الشرعية" في معيار المضاربة ص219: "إذا اتفق الطرفان على تأقيت المضاربة، فلا يحق إنهاؤها قبل ذلك الوقت إلا باتفاق الطرفين" انتهى.
فعلى هذا القول: يصبح العقد لازما إلى نهاية المدة، ولا يحق الفسخ.
لكن إذا رضي الشركاء بالفسخ ، فلا حق لهم في منع الفاسخ من أخذ ربحه.
ولا يصح اشتراط أن من خرج من الشركة قبل نهاية المدة أنه لا ربح له ؛ لما في ذلك من الغرر وأكل المال بالباطل ، بل يجب أن ينظر في الربح عند خروجه ، فيعطى نصيبه منه ، وهذا ممكن بطريقيتين:
أن ينظر فيما تم من الصفقات ، فيأخذ نصيبه من الربح ، إن كان المال ناضا أي صار نقودا، أو ينتظر حتى تباع البضاعة الموجودة ، فيأخذ نصيبه من ربح الجميع.
أن يحسب الربح بناء على المدة التي شارك بها.
وقد جاء في قرار مجمع الفقه بشأن المضاربة: " لا مانع شرعا ، حين توزيع الأرباح ، من استخدام طريقة النُّمر ، القائمة على مراعاة مبلغ كل مستثمر ، ومدة بقائه في الاستثمار ، لأن أموال المستثمرين ساهمت كلها في تحقيق العائد حسب مقدارها ومدة بقائها ، فاستحقاقها حصة متناسبة مع المبلغ ، والزمن ، هو أعدل الطرق لإيصال مستحقاتهم إليهم ، لأن دخول حصة المستثمرين في المضاربة المشتركة ، بحسب طبيعتها : موافقة ضمنا على المبارأة عما يتعذر الوصول إليه ، كما أن من طبيعة المشاركة استفادة الشريك من ربح مال شريكه ، وليس في هذه الطريقة ما يقطع المشاركة في الربح ، وهي مشمولة بالرضا بالنسب الشائعة الناتجة عنها" انتهى من "قرارات وتوصيات مجمع الفقه" ص215.
وهذه الطريقة قائمة على التراضي و"المبارأة" ، أي كل شريك يبرئ الآخر فيما لو شارك بعض المدة ، وأخذ أكثر من ربحه الحقيقي ، أو أقل.
ثانيا:
يلزمكم إعطاء أختكم نصيبها من الربح، سواء وعدها أخوكم بذلك أم لا.
فإن كانت قد أتمت ستة أشهر في الشركة، فلتأخذ نصف الربح، وليحلل كل منكم الآخر، فربما أخذت أقل مما تستحق، أو أكثر مما تستحق.
والله أعلم.