الحمد لله.
أولا :
يُعلم من سؤالكِ أنك تعملين في عمل مختلط مع الرجال ، والاختلاط يترتب عليه مفاسد ومحاذير كثيرة لا تخفى على أهل البصائر ، وراجعي السؤال رقم (1200) لمعرفة أدلة تحريم الاختلاط .
وقد أفتى الثقات من أهل العلم بتحريم العمل المختلط ، ومن ذلك ما جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (12/156) : " الاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس أو غيرها من المنكرات العظيمة ، والمفاسد الكبيرة في الدين والدنيا ، فلا يجوز للمرأة أن تدرس أو تعمل في مكان مختلط بالرجال والنساء ، ولا يجوز لوليها أن يأذن لها بذلك " انتهى .
وراجعي السؤال رقم (6666) ففيه : هل تستمرّ في عمل تختلط فيه بالرجال ؟
ثانيا :
من ابتليت بهذا العمل المختلط ، فإن أمكنها أداء الصلاة في بيتها فهو أفضل ، كأن يكون رجوعها إلى بيتها قبل العصر بوقت يتسع لأداء صلاة الظهر ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( صَلاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا ، وَصَلاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاتِهَا فِي بَيْتِهَا ) رواه أبو داود (570) وصححه الألباني في صحيح أبي داود ؛ ولما فيه من الستر والصيانة عن نظر الرجال .
وإن كان لا يمكنها إدراك الصلاة في بيتها ، فإنها تختار أستر مكان في محل عملها ، وتصلي صلاتها ، ملتزمة بحجابها ، ساترة لجميع بدنها ، ولا يجوز لها أن تؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها ، قال الله تعالى : ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً ) النساء/103 .
قال السعدي رحمه الله :
" أي : مفروضا في وقته . فدل ذلك على فرضيتها , وأن لها وقتا , لا تصح إلا به , وهو هذه الأوقات , التي قد تقررت عند المسلمين , صغيرهم وكبيرهم , عالمهم وجاهلهم ، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم بقوله : (صلوا كما رأيتموني أصلي ) " انتهى .
"تفسير السعدي" ( ص 204) .
وقد جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/255) :
" المرأة الحرة عورة يحرم عليها كشف وجهها وكفيها بحضرة الرجال الأجانب منها ، سواء كانت في الصلاة أو في حالة الإحرام أو في غير ذلك من الحالات العادية ؛ لما روت عائشة رضي الله عنها قالت : ( كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ ) رواه أحمد وأبوداود وابن ماجه . وإذا كان هذا في حالة الإحرام المطلوب فيه كشف وجه المرأة ففي غيرها أولى ؛ لعموم قوله عز وجل : ( وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ) " انتهى .
واعلمي أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، ومن اتقى الله تعالى جعل له من كل ضيق مخرجا ، ومن كل هم فرجا ، ورزقه من حيث لا يحتسب ، فبادري بترك العمل المختلط ، وابحثي عن العمل المباح الذي يبارك الله تعالى فيه .
وفقنا الله وإياك لطاعته ومرضاته .
والله أعلم .