والدي يسأل ما أهمية معرفة وتعلم صفات الله الخبرية: كالوجه، والعينين، واليدين، والساق، وغيرهما؟ فهو يقول: ما الفرق إذا علمت أن لله وجها أو لم أعلم، وكذلك في أفعال الله الخبرية: كالنزول للسماء الدنيا، و الإتيان، أو المجيء، والضحك، وغيره، وكذلك إمام مسجدنا يقول لي لا ينبغي أن تنشغل بقضية صفات الله الخبرية، ولا تنشغل بالخلافات بين أهل السنة والجماعة، والفرق المنحرفة، فما رأيكم فيما قالا؟
الحمد لله.
الواجب على المؤمن أن يعتقد أن الله له الأسماء الحسنى والصفات العلى إجمالا، ثم يؤمن تفصيلا بما ثبت لله من أسماء وصفات، فيعتقد أن لله يدين كما أخبر، وأن له وجها وعينين وغير ذلك من صفاته كالنزول إلى السماء الدنيا والإتيان والمجيء، فهذا داخل في عقد الإيمان.
وعلى هذا سار أهل السنة، يؤمنون بالصفات، ويوردونها في كتب الاعتقاد، ويذكرون أدلتها، فكيف يقال: ما أهمية ذلك؟
قال أبو بكر الآجري رحمه الله (ت360هـ) في "الشريعة" (3/ 1156): " باب الإيمان بأن قلوب الخلائق بين إصبعين من أصابع الرب عز وجل بلا كيف" انتهى.
وقال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله (ت386هـ): "فمما أجمعت عليه الأمة من أمور الديانة، ومن السنن التي خلافها بدعة وضلالة: أن الله تبارك اسمه له الأسماء الحسنى والصفات العلى... وأن الله عز وجل كلم موسى بذاته، وأسمعه كلامه لا كلاماً قام في غيره، وأنه يسمع ويرى، ويقبض ويبسط، وأن يديه مبسوطتان والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه، وأن يديه غير نعمته في ذلك" . انتهى من مقدمة كتابه: الجامع في السنن والآداب، ص107،
وقال شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني (ت449هـ): "ويعتقد أصحاب الحديث ويشهدون أن الله فوق سبع سمواته، على عرشه مستو، كما نطق به كتابه... وعلماء الأمة وأعيان الأئمة من السلف رحمهم الله لم يختلفوا في أن الله على عرشه، وعرشه فوق سمواته" انتهى من "عقيدة السلف وأصحاب الحديث"، للصابوني، ص175.
وقال البغوي رحمه الله (ت516هـ) في "شرح السنة" (1/168): " والإصبع المذكورة في الحديث صفة من صفات الله عز وجل، وكذلك كل ما جاء به الكتاب أو السنة من هذا القبيل في صفات الله سبحانه وتعالى، كالنفس، والوجه والعين، واليد، والرجل، والإتيان، والمجيء، والنزول إلى السماء الدنيا، والاستواء على العرش، والضحك، والفرح" انتهى.
وقال الحافظ عبد الغني المقدسي (ت600هـ): "وتواترت الأخبار، وصحت الآثار بأن الله عز وجل ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، فيجب الإيمان به، والتسليم له، وترك الاعتراض عليه، وإمراره من غير تكييف ولا تمثيل، ولا تأويل، ولا تنزيه ينفي حقيقة النزول" انتهى من "الاقتصاد في الاعتقاد"، ص100
ويمكن تلخيص أهمية العلم بالصفات فيما يلي:
1- أن الله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه، وهذا هو الغاية المطلوبة منهم، لأنه كما يقول ابن القيم رحمه الله: " مفتاح دعوة الرسل، وزبدة رسالتهم، معرفة المعبود بأسمائه وصفاته وأفعاله؛ إذ على هذه المعرفة تبنى مطالب الرسالة كلها، من أولها إلى آخرها" انتهى من "الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة" لابن القيم ( 1/150-151 ) .
فالاشتغال بمعرفة أسماء الله تعالى وصفاته: اشتغال بما خلق له العبد ، وتركه وتضييعه إهمال لما خلق له.
2-تصديق ما ورد في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من ذلك.
3-أن العلم بذلك من أجل العلوم؛ لأن شرف العلم تابع لشرف المعلوم.
4-زيادة الإيمان بزيادة ما علمه العبد وآمن به من أسماء الله وصفاته.
5-معرفة سبيل المؤمنين من أهل السنة ولزوم طريقهم، ومجانبة سبيل الضالين المنحرفين.
وأما الانشغال بالخلاف بين أهل السنة وغيرهم، فهذا من جملة العلم النافع، لكن يكون بعد تأصيل الاعتقاد وضبطه على منهج أهل السنة.
وينظر: جواب السؤال رقم:(4043).
وينظر أيضا للفائدة: هذه المقالات النافعة في آثار الإيمان بأسماء الله وصفاته: (1)، (2)، (3).
والله أعلم.