الحمد لله.
قد سبق بيان تحريم صنع الصور والتماثيل سؤال رقم 7222 ، وسبق أيضا بيان تحريم بيعها وشرائها سؤال رقم 49676 .
لكن إذا كانت هذه الصور والدمى لعبا للأطفال فقد دلت السنة على جوازها ؛ ففي الصحيحين من حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : ( كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ،َ وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي ...الحديث ) البخاري 6130 ، مسلم 2440
قال ابن حجر : وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى جَوَاز اِتِّخَاذ صُوَر الْبَنَات وَاللَّعِب مِنْ أَجْل لَعِب الْبَنَات بِهِنَّ , وَخُصَّ ذَلِكَ مِنْ عُمُوم النَّهْي عَنْ اِتِّخَاذ الصُّوَر , وَبِهِ جَزَمَ عِيَاض وَنَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُور , وَأَنَّهُمْ أَجَازُوا بَيْع اللَّعِب لِلْبَنَاتِ لِتَدْرِيبِهِنَّ مِنْ صِغَرهنَّ عَلَى أَمْر بُيُوتهنَّ وَأَوْلادهنَّ وَقَدْ تَرْجَمَ اِبْن حِبَّان الإِبَاحَةُ لِصِغَارِ النِّسَاء اللَّعِب بِاللَّعَبِ ..وفي رِوَايَة جرير عن هشام : " كُنْت أَلْعَب بِالْبَنَاتِ وَهُنَّ اللُّعِب " أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَة وَغَيْره , وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : " قَدِمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَة تَبُوك أَوْ خَيْبَر " فَذَكَرَ الْحَدِيث فِي هَتْكه السِّتْر الَّذِي نَصَبَتْهُ عَلَى بَابهَا قَالَتْ : " فَكَشَفَ نَاحِيَة السِّتْر عَلَى بَنَات لِعَائِشَة لُعَب فَقَالَ : مَا هَذَا يَا عَائِشَة , قَالَتْ : بَنَاتِي . قَالَتْ : وَرَأَى فِيهَا فَرَسًا مَرْبُوطًا لَهُ جَنَاحَانِ فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ قُلْت فَرَس . قَالَ فَرَس لَهُ جَنَاحَانِ ؟ قُلْت : أَلَمْ تَسْمَع أَنَّهُ كَانَ لِسُلَيْمَان خَيْل لَهَا أَجْنِحَة ؟ فَضَحِكَ " انتهى مختصرا . [ والرواية التي ذكرها ابن حجر عند أبي داود برقم 22813 ، وصححها الألباني في غاية المرام 129 ]
قال الشيخ ابن عثيمين ، رحمه الله :
( أما الذي لا يوجد فيه تخطيط كامل ، وإنما يوجد فيه شيء من الأعضاء والرأس ، ولكن لم تتبين فيه الخلقة ، فهذا لاشك في جوازه ، وأنه من جنس البنات اللاتي كانت عائشة ، رضي الله عنها ، تلعب بهن .
وأما إذا كان كامل الخلقة ، وكأنما تشاهد إنسانا ، ولاسيما إن كان له حركة أو صوت ، فإن في نفسي من جواز هذه شيئا ، لأنه يضاهي خلق الله تماما ، والظاهر أن اللعب التي كانت عائشة تلعب بهن ليست على هذا الوصف ، فاجتنابها أولى ؛ ولكني لا أقطع بالتحريم ؛ نظرا لأن الصغار يرخص لهم ما لا يرخص للكبار في مثل هذه الأمور ، فإن الصغير مجبول على اللعب والتسلي ، وليس مكلفا بشيء من العبادات حتى نقول : إن وقته يضيع عليه لهوا وعبثا ، وإذا أراد الإنسان الاحتياط في مثل هذا فليقلع الرأس ، أو يحميه على النار حتى يلين ، ثم يضغطه حتى تزول معالمه . ) مجموع فتاوى الشيخ 2/277-278
وأما قول السائل : وهل يجوز لي أن أبدأ صيامي ، فيما بعد ، بسبب عملي هذا ؟ فلم يتبين لنا مراده به تماما ؛ فإن كان يعني أن هذا العمل يبطل الصيام ، ويكون المشروع في حقه قضاء الصيام في وقت آخر لا يشتغل فيه بهذا العمل المحرم ، فقد سبق بيان أن جميع المعاصي تؤثر في الصيام ، فينقص بذلك أجره ، وقد يحرم ثواب صومه بالكلية ، إذا كثر عمله بالمعاصي ، لكن صيامه لا يبطل ، ولا يؤمر بقضائه ، وإنما عليه أن يكف نفسه عن هذه المعاصي في كل وقت ، وخاصة في رمضان . انظر السؤال رقم ( 37877 ) و ( 37989 ) .
وإن كان يريد السؤال عن أمر آخر ، فنرجو إيضاحه حتى نتمكن من الإجابة عليه .