هل العقيدة الإسلامية منهج نظري أم منهج عملي جاد؟ ما هي الكتب التي يرجع إليها لتعلم العقيدة؟ كيف يمكن تطبيق العقيدة في ظل هذا الواقع؟ ما هي طرق تعلم العقيدة؟ هل عمل شيء من الإسلام وعدم عمل شيء آخر (يصلي ولا يزكي أو لا يغض البصر وما ينتج عنه) يعتبر هذا خللا في العقيدة؟ هل المسلمون اليوم بحاجة إلى من يعلمهم العقيدة؟
الرجاء بث بعض التعليمات لمن أراد أن يتعلم العقيدة الصحيحة على منهج الصحابة رضوان الله عليهم.
العقيدة الإسلامية ليست منهجا نظريا فلسفيا، بل هي منهج عملي جاد، فالعمل ركن ركين في هذه العقيدة، ولهذا اتفق أهل السنة على أن الإيمان قول وعمل، أو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالجوارح والأركان. وأما طرق تعلم العقيدة الصحيحة فبالتلقي المباشر عن أهلها العالمين بها، العاملين بمقتضاها، وهذا هو الطريق الأسلم والأنفع، لمن تيسر له ذلك. وانظر كتب مفيدة في العقيدة الجواب المطول.
الحمد لله.
العقيدة لإسلامية ليست منهجا نظريا فلسفيا، بل هي منهج عملي جاد، فالعمل ركن ركين في هذه العقيدة، ولهذا اتفق أهل السنة على أن الإيمان قول وعمل، أو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالجوارح والأركان.
فمن آمن بالله تعالى ربا وإلها، عبده وأطاعه بالصلاة والزكاة ونحوها.
ومن آمن باليوم الآخر وما فيه من حساب وجزاء، دعاه ذلك إلى فعل ما أمر الله به وترك ما نهى عنه.
ومن آمن بأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاده ذلك إلى طاعته وتطبيق سنته، ونشر ملته.
وهكذا تترجم المبادئ التي يعتقدها الإنسان إلى أعمال وأقوال، وسعي، واجتهاد. وكلما زاد الإيمان في القلب زادت آثاره على الجوارح.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب رواه البخاري (52)، ومسلم (1599).
وقال الحسن البصري رحمه الله: “ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل”.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “فإذا كان القلب صالحا بما فيه من الإيمان علما وعملا قلبيا لزم ضرورةً صلاح الجسد بالقول الظاهر والعمل بالإيمان المطلق، كما قال أئمة أهل الحديث: قول وعمل، قول باطن وظاهر، وعمل باطن وظاهر، والظاهر تابع للباطن لازم له، متى صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد فسد، ولهذا قال من قال من الصحابة عن المصلى العابث: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه” اهـ “مجموع الفتاوى” (7/187).
وأما الكتب التي يرجع إليها في العقيدة فكثيرة، وأعظمها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ففيهما العصمة والنجاة لمن تمسك بهما. وقد اهتم العلماء ببيان العقيدة الصحيحة ونشرها، وألفوا لذلك ما لا يحصى من الكتب، ومن أشهر هذه المؤلفات:
السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل،
والتوحيد لابن خزيمة،
شرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي،
عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني،
العقيدة الواسطية لابن تيمية،
العقيدة الطحاوية وشرحها لابن أبي العز الحنفي،
لوامع الأنوار البهية للسفاريني،
معارج القبول لحافظ حكمي،
الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد للشيخ صالح الفوزان، وهذا الأخير كتاب سهل مبسط نافع.
وأما تطبيق العقيدة في هذا الواقع، فيكون بتعلمها، ونشرها، والدعوة إليها، والرد على مخالفيها بالحكمة والموعظة الحسنة، فبهذا تنتشر العقيدة، وتظهر آثارها، وينعم الناس في ظلالها.
وأما طرق تعلم العقيدة، فبالتلقي المباشر عن أهلها العالمين بها، العاملين بمقتضاها، وهذا هو الطريق الأسلم والأنفع، لمن تيسر له ذلك. وأما من كان بعيدا عن أهل العلم فعليه الرجوع إلى شروحهم ومؤلفاتهم وأشرطتهم، مع السؤال عما أشكل وغمض فهمه عليه.
إذا عمل الإنسان بعض شرائع الإسلام وترك البعض الآخر، بأن ترك بعض الواجبات أو فعل بعض المحرمات، كان ذلك نقصا في إيمانه، وضعفا في يقينه ومحبته لربه ودينه، وهذا خلل في العقيدة ولا شك.
ولذلك كان من أصول أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وقد يكون هذا النقص والخلل مزيلاً للإيمان بالكلية، فيصير صاحبه مرتداً عن الإسلام، كما لو ترك الصلاة، انظر السؤال رقم: (5208)، (2182).
وأما المعاصي التي لا تصل إلى حد الكفر، كمنع الزكاة الواجبة، أو إطلاق البصر المحرم ونحو ذلك فهذه ينقص بها الإيمان.
المسلمون بحاجة إلى من يوضح لهم العقيدة الصحيحة الصافية، المبنية على الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، وذلك لوجود الجهل، وانتشار البدع والخرافات، والمذاهب الفكرية المنحرفة.
فالواجب على كل مسلم أن ينصح لنفسه أولا بتعلم العقيدة الصحيحة، وتلقيها من مصادرها المأمونة، ثم نشرها وتعليمها للناس، عن طريق الدروس والمحاضرات، والكتب والنشرات والمجلات، قياما بواجب البلاغ والبيان، كما قال سبحانه: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ آل عمران/187، وقال: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ آل عمران/104.
وقال: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ يوسف/108.
والله تعالى أعلم.