صفات الحور العين في الكتاب والسنة

25-08-2005

السؤال 60188

ما وصف الحور العين مما ورد في الكتاب والسنة؟ والزوجة الصالحة في الدنيا ماذا يكون شكلها أو وصفها في الجنة إذا أراد الله لها الجنة؟

ملخص الجواب:

جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية وصف للحور العين في أكثر من موضع منها: (وحور عين. كأمثال اللؤلؤ المكنون) و (كأنهن الياقوت والمرجان)  و (إنا أنشأناهن إنشاء. فجعلناهن أبكارا. عربا أترابا) و (فيهن خيرات حسان) و (ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون).

الجواب

الحمد لله.

رضى الرحمن ودخول الجنان هو غاية ما يتمناه المؤمن والمؤمنة

إن رضى الرحمن ودخول الجنان هو غاية ما يتمناه المؤمن والمؤمنة، فإذا خرج من الدنيا وقد فاز برضوان الله فليبشر بعد ذلك بالخير كله، فإذا دخل الجنة فلا يسأل بعد ذلك عن النعيم المقيم، الذي لم تره عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشر، فيحصل له كل ما يتمناه بأحسن أحواله، وكل ما يطلبه مجاب، وكل ما يشتهيه في متناوله، ولا يمكن أبداً أن يجد ما يعكر صفوه لأنه في ضيافة الرحمن كما قال سبحانه: وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ. نُزُلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ  فصلت/31،32.

ومن أحسن ما تشتهيه الأنفس في الآخرة للرجال نساء الجنة، وهن الحور العين، وللنساء ما يقابله من النعيم، ومن حكمة الله العظيمة أن الله لم يذكر ما للنساء مقابل الحور العين للرجال، لأن ذلك من دواعي الخجل وشدة الحياء، فكيف يرغبهن في الجنة بما يثير حياءهن ويستحيين من ذكره والكلام فيه، فاكتفى سبحانه بالإشارة إليه كما في قوله: وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ فصلت/31.

صفات الحور العين في القرآن

وقد جاء في كتاب الله تعالى وصف للحور العين في أكثر من موضع، ومن ذلك:

قال السعدي رحمه الله:

” أي: ولهم حور عين، والحوراء: التي في عينها كحل وملاحة، وحسن وبهاء، والعِين: حسان الأعين وضخامها، وحسن العين في الأنثى من أعظم الأدلة على حسنها وجمالها.

كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ أي: كأنهن اللؤلؤ الأبيض الرطب الصافي البهي، المستور عن الأعين والريح والشمس، الذي يكون لونه من أحسن الألوان، الذي لا عيب فيه بوجه من الوجوه، فكذلك الحور العين، لا عيب فيهن بوجه، بل هن كاملات الأوصاف، جميلات النعوت. فكل ما تأملته منها لم تجد فيه إلا ما يسر الخاطر ويروق الناظر ” انتهى من “تفسير السعدي” (ص 991).

قال الطبري رحمه الله:

“قال ابن زيد في قوله كأنهن الياقوت والمرجان: كأنهن الياقوت في الصفاء , والمرجان في البياض، الصفاء صفاء الياقوتة، والبياض بياض اللؤلؤ” انتهى من “تفسير الطبري” (27 / 152).

قال ابن كثير رحمه الله:

“قوله (عُرُباً): قال سعيد بن جبير عن ابن عباس يعني: متحببات إلى أزواجهن، وعن ابن عباس: العُرُب العواشق لأزواجهن , وأزواجهن لهن عاشقون………

وقوله (أَتْرَابا) قال الضحاك عن ابن عباس يعني: في سن واحدة ثلاث وثلاثين سنة……..

وقال السدي: (أترابا) أي: في الأخلاق المتواخيات بينهن ليس بينهن تباغض ولا تحاسد، يعني: لا كما كن ضرائر متعاديات ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (4 / 294).

وقال الحافظ ابن حجر: عن مجاهد في قوله عُرُباً أتراباً  قال: هي المحببة إلى زوجها. “فتح الباري” (8 / 626).

قال ابن القيم:

ووصفهن بأنهن خيرات حسان وهو جمع خَيْرة وأصلها خَيّرة وهي التي قد جمعت المحاسن ظاهرا وباطنا، فكمل خلقها وخلقها فهن خيرات الأخلاق، حسان الوجوه.

“روضة المحبين” (ص 243).

قال ابن القيم:

ووصفهن بالطهارة فقال: (ولهم فيها أزواج مطهرة) طهرن من الحيض والبول والنجو (الغائط) وكل أذى يكون في نساء الدنيا، وطهرت بواطنهن من الغيرة وأذى الأزواج وتجنيهن عليهم وإرادة غيرهم. “روضة المحبين” (ص 243، 244).

قال ابن القيم:

ووصفهن بأنهن (مقصورات في الخيام) أي: ممنوعات من التبرج والتبذل لغير أزواجهن، بل قد قُصِرْن على أزواجهن، لا يخرجن من منازلهم، وقَصَرْنَ عليهم فلا يردن سواهم، ووصفهن سبحانه بأنهن (قاصرات الطرف) وهذه الصفة أكمل من الأولى، فالمرأة منهن قد قصرت طرفها على زوجها من محبتها له ورضاها به فلا يتجاوز طرفها عنه إلى غيره. “روضة المحبين” (ص 244).

صفات الحور العين في السنة

هذا طرف من ذكرهن في القرآن، وقد جاء في السنة ما تحار فيه العقول في وصف جمالهن وحسنهن، ومن ذلك:

قال ابن حجر رحمه الله:

الحور التي يحار فيها الطرف يبان مخ سوقهن من وراء ثيابهن، ويرى الناظر وجهه في كبد إحداهن كالمرآة من رقة الجلد وصفاء اللون. “فتح الباري” (8 / 570).

فلو أطلت بوجهها لأضاءت ما بين السماء والأرض، فأي نور وجمال في وجهها ! وطيبُ ريحها يملأ ما بين السماء والأرض، فما أجمل ريحها!

وأما لباسها؛ فإن كان المنديل الذي تضعه على رأسها خير من جمال الدنيا وما فيها من متاع وروعة وطبيعة خلابة وقصور شاهقة وغير ذلك من أنواع النعيم، فسبحان خالقها ما أعظمه، وهنيئا لمن كانت له وكان لها.

أحوال النساء في الجنة

وحال المؤمنة في الجنة أفضل من حال الحور العين وأعلى درجة وأكثر جمالا، وقد ورد في ذلك بعض الأحاديث والآثار ولكن لا يثبت منها شيء، ولكن المرأة الصالحة من أهل الدنيا إذا دخلت الجنة فإنما تدخلها جزاء على العمل الصالح وكرامة من الله لها لدينها وصلاحها، أما الحور التي هي من نعيم الجنة فإنما خلقت في الجنة من أجل غيرها وجعلت جزاء للمؤمن على العمل الصالح، وشتان بين من دخلت الجنة جزاء على عملها الصالح، وبين من خلقت ليُجَازَى بها صاحب العمل الصالح، فالأولى ملكة سيدة آمرة، والثانية على عظم قدرها وجمالها إلا أنها لا شك دون الملكة وهي مأمورة من سيدها المؤمن الذي خلقها الله تعالى جزاء له.

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل الأوصاف التي ذكرت للحور العين تشمل نساء الدنيا؟

فأجاب:

الذي يظهر لي أن نساء الدنيا يكنَّ خيراً من الحور العين، حتى في الصفات الظاهرة، والله أعلم. “فتاوى نور على الدرب (شريط رقم 282)”.

نسأل الله العظيم أن يؤتينا أفضل ما يؤتي عباده الصالحين.

والله أعلم.

الجنة والنار
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب