الحمد لله.
أولاً:
قاعدة أهل السنَّة والجماعة في أسماء الله تعالى من حيث إثباتها لله تعالى وتسميته بها أنهم لا يثبتون له – عز وجل – من الأسماء إلا ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم في السنَّة الصحيحة ، والاسم هو ما دلَّ على ذاته وعلى الصفة التي يحويها ، كاسمه تعالى العزيز ، فقد دلَّ على ذاته وعلى صفة العزة ، وأسماؤه تعالى كلها حسنى ، وهي يُدعى بها بنص القرآن كما قال تعالى ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) الأعراف/ 180 .
ولا يجوز في باب الإثبات اشتقاق أسماء لله تعالى من صفاته أو من أفعاله ، فلا يقال " المحب " و " الغاضب " – مثلاً - .
وما ذكره الأخ السائل من أسماء فلم يثبت منها شيء في نصوص الوحي فلا تُثبت لله تعالى أسماءً له وإن كانت معانيها صحيحة ؛ فأسماء الله تعالى توقيفية لا مجال للاجتهاد ولا للقياس فيها .
ثانياً:
وقاعدة أهل السنَّة أنه يجوز " الإخبار " عن الله تعالى بأسماء لها معاني حسنة
دلَّت على معانيها أفعال وصفات له تعالى ثابتة بالكتاب والسنَّة كـ " نَاصِر
المُسْتَضْعَفين " و " مفرِّج الكربات " و " عَالَم الخَفيَّاتِ " وَ " بَاعِثَ
الأَمْواتِ " وَ " مُجِيبَ الدَّعَوَاتِ " ، وهي أسماء دلَّت على معانيها نصوص من
الوحي كثيرة ، فلا حرج في الإخبار عن الله تعالى بها .
قال ابن القيم – رحمه الله - : " الفعل أوسع من الاسم , ولهذا أَطلق الله على نفسه
أفعالاً لم يتسمَّ منها بأسماء الفاعل , كأراد وشاء وأحدث , ولم يُسمَّ بـ " المريد
" و" الشائي " و" المُحدث " كما لم يسمِّ نفسه بـ " الصانع " و" الفاعل " و" المتقن
" وغير ذلك من الأسماء التي أطلق على نفسه , فباب الأفعال أوسع من باب الأسماء .
وقد أخطأ خطأً كبيراً من اشتق له من كل فعل اسماً وبلغ بأسمائه زيادة على الألف
فسمَّاه " الماكر , والمخادع , والفاتن , والكائد " ونحو ذلك .
وكذلك باب " الإخبار " عنه بالاسم أوسع من تسميته به فإنَّه يُخبر عنه بأنه " شيء
وموجود ومذكور , ومعلوم , ومراد " ولا يسمَّى بذلك " انتهى من " مدارج السالكين " (
3 / 415 ) .
فضابط الإخبار الجائز عن الله تعالى : أن يُخبر عنه بمعنى صحيح لم يُنفَ في الكتاب
والسنَّة وأن يكون قد ثبت جنسه فيهما .
فيكون ما ذكره الأخ السائل من أسماء صالحاً للإخبار عن الله تعالى مع توقف في اسم "
حلاَّل المشكلات " لعدم اختصاصها بالله تعالى عند الإطلاق ولخلو الثناء على الله
تعالى من ألفاظها المشابهة للمستهلك من كلام الناس .
ثالثاً:
وهل يجوز دعاء الله تعالى بما يصح الإخبار عنه به من أسماء ؟ الذي يترجح لنا أنه لا
حرج في دعاء الله تعالى بمثل تلك الأسماء ، وهو الذي عليه علماء أهل السنَّة قديماً
وحديثاً في أدعيتهم في مصنفاتهم وخطبهم ودروسهم ، مع بيان أن الأكمل دعاء الله
تعالى بما ثبت من أسمائه تعالى في الكتاب والسنَّة توسُّلاً بها لحصول مقصود الداعي
.
فتبيَّن من هذا أنه وإن كان لا يجوز إثبات هذه الأسماء لله تعالى لأنها لم ترد
بعينها في الكتاب والسنَّة إلا أن ذلك لا يمنع من الدعاء بها ، ونعني بذلك الأسماء
التي تدل على الله تعالى بإطلاقها فيختص بها أو التي يصح ذِكره بها والثناء عليه –
سبحانه وتعالى - .
سئل الشيخ عبد الرحمن البراك – حفظه الله - :
ما حكم الدعاء بغير الأسماء الحسنى مما صح معناه مثل قولهم " يا سامع الصوت ويا
سابق الفوت ويا كاسي العظام لحما بعد الموت " ، " يا دليل " ، " يا ساتر " ، ونحو
ذلك ؟ .
فأجاب: " ... وما يُشتق من صفاته الفعلية إذا كان يظهر أنه مختص بالله : فيجوز
الدعاء به ، كـ : فارج الكربات " و " مغيث اللهفات " و " مصرف الرياح " و " مجري
السحاب " و " هازم الأحزاب " ، وأما إذا كان لا يظهر اختصاصه بالله فلا يجوز الدعاء
به مثل " سامع الصوت " و " سابق الفوت " ، وأما " كاسي العظام لحماً بعد الموت " :
فهو من جنس ما سبق – أي : " فارج الكربات " و " مغيث اللهفات " .
كذلك لا يُدعى سبحانه وتعالى بالأسماء التي لا يصح ذكره بها والثناء عليه وإنما
يجوز الإخبار بها عنه ، مثل " موجود " و " شيء " و " واجب الوجود " .
وأما " الدليل " و " الساتر " فلم يرد إطلاقهما على الله لكن إذا قُيدا بما يدل على
ما يختص به سبحانه جاز الدعاء بهما ، مثل " يا دليل الحائرين " و " يا ساتر العورات
" ، فأما " دليل الحائرين " فقد جاء عن الإمام أحمد أنه قال لرجل " قل يا دليل
الحائرين " – " مجموع الفتاوى " لشيخ الإسلام ( 22 / 483 ) - ، وأما " ساتر العورات
" فهو من جنس " مقيل العثرات " لا ينصرف إلا إلى الله تعالى " انتهى .
http://ar.islamway.com/fatwa/34838/ar/g-rel
وسئل الشيخ خالد بن علي المشيقح – وفقه الله - :
عن جواز للإنسان أن يدعو قائلاً " يا مُسهِّل يا رب " ، مع أن المسهِّل ليس من
أسماء الله الحسنى ؟ .
فأجاب : " فالأولى بالمسلم أن يدعو بأسماء الله الحسنى ؛ لأن الله عز وجل قال : (
ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) الأعراف/ 180 ، وثبت في الصحيح أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال ( إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة ) صحيح البخاري (
2736 ) وصحيح مسلم ( 2677 ) ، ومن إحصاء هذه الأسماء دعاء الله عز وجل بها .
ومن آداب الدعاء التوسل إلى الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلا ، هذا هو
الأولى بالمسلم ، فيختار من أسماء الله الحسنى ما يلائم دعوته ؛ إذا سأل الله الرزق
قال " يا رزاق " ، إذا سأل الله عز وجل الرحمة قال " يا رحمان يا رحيم " ، إذا سأل
الله عز وجل العزة قال " يا عزيز " ، إلى آخره .
وإن دعا بما يُخبَر به عن الله عز وجل فإن هذا لا بأس به ، فهو جائز ، مثل " يا
مسهِّل " ، ولو قال " يا مسهِّل سهِّل أموري " إلى آخره : فإن هذا من الخبر عن الله
عز وجل ، وهذا من صفاته سبحانه فلا بأس بذلك إن شاء الله " انتهى
http://www.islamlight.net/index.php?option=com_ftawa&task=view&Itemid=0&catid=968&id=14499
وعليه :
فيجوز الدعاء بـ " يا قاضي الحاجات " و " يا شافي الأمراض " و " يا رافع الدرجات "
، ولا ينبغي الدعاء بـ " يا حلاَّل المشكلات " لعدم اختصاصها بالله تعالى عند
الإطلاق .
وانظر في التوسل المشروع ومنه التوسل بأسمائه تعالى جوابي السؤالين (
127316 ) (
3297 ) .
والله أعلم
تعليق