الجمعة 14 جمادى الأولى 1446 - 15 نوفمبر 2024
العربية

أكل لحم الإبل ينقض الوضوء

السؤال

هل ينقض أكل لحم الإبل الوضوء؟.

الجواب

الحمد لله.

الصحيح : أنه يجب الوضوء من أكل لحوم الإبل صغيراً كان أو كبيراً ذكراً أو أنثى مطبوخاً أو نيئاً ، وعلى هذا دلّت الأدلّة :

1-حديث جابر ، سئل النبي صلى الله عليه وسلم أنتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال : نعم ، قال : أنتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال :إن شئت . رواه مسلم ( 360 ) .

2-حديث البراء ، سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن لحوم الإبل ؟ قال : توضئوا منها ، وسئل عن لحوم الغنم فقال لا يتوضاٌ . رواه أبو داود ( 184 )  الترمذي ( 81 ) وصححه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه .

وأما الذين لم يوجبوا الوضوء من لحم الإبل ، فإنهم ردوا بأشياء ، منها :

أ. بأن هذا الحكم منسوخ ، ودليلهم :

حديث جابر : كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مسّت النار . رواه أبو داود ( 192 )  والنسائي ( 185 ) .

وهذا الرد لا يقابل النص الخاص السابق في ” صحيح مسلم ” .

ثم إنه ليس فيه دليل على النسخ ؛ لأنهم سألوا أنتوضأ من لحوم الغنم ؟ فقال : إن شئت .

فلو كان هذا الحديث منسوخاً لنسخ حكم لحم الغنم ولما قال : ” إن شئت ” : دل على أن هذه الأحاديث لاحقة لحديث جابر .

والنسخ لا بد فيه من دليل يفيد أن الناسخ مقدم في التاريخ ولا دليل .

ثم إن حديث النسخ عام ، وهذا خاص يخصص عموم الحديث .

ثم إن سؤاله عن لحوم الغنم يبين أن العلة ليست في مس النار لأنه لو كان كذلك لتساوت لحوم الإبل ولحوم الغنم في ذلك .

ب. واستدلوا بحديث : ” الوضوء مما يخرج لا مما يدخل ” .

والرد :

الحديث : رواه البيهقي ( 1 / 116 ) وضعفه ، والدار قطني ( ص 55 ) ، وهو حديث ضعيف فيه ثلاث علل ، انظر تحقيقها في ” السلسلة الضعيفة ” ( 959 ) .

وإن صح – تنزلاً – : فهو عام ، وحديث إيجاب الوضوء خاص .

ج. وقال بعضهم : إن المراد من قوله ” توضئوا منها ” : غسل اليدين والفم لما في لحم الإبل من رائحة كريهة ودسومة غليظة بخلاف لحم الغنم !

والرد :

أن هذا بعيد ، لأن الظاهر منه هو الوضوء الشرعي لا اللغوي ، وحمل الألفاظ الشرعية على معانيها الشرعية واجب .

د. واستدل بعضهم بقصة لا أصل لها وخلاصتها :

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب ذات يوم ، فخرج من أحدهم ريح ، فاستحيا أن يقوم بين الناس ، وكان قد أكل لحم جزور ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ستراً عليه ! : من أكل لحم جزور فليتوضأ ! فقام جماعة كانوا أكلوا من لحمه فتوضأوا !.

والرد :

قال الشيخ الألباني رحمه الله :

لا أصل لها في شيء من كتب السنة ولا في غيرها من كتب الفقه والتفسير فيما علمت . ” السلسة الضعيفة ” ( 3 / 268 ) .

والراجح في المسألة : أن الوضوء مما مست النار منسوخ .

وأنه يجب الوضوء من لحوم الإبل .

قال النووي :

وذهب إلى انتقاض الوضوء به أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن يحيى وأبو بكر ابن المنذر وابن خزيمة واختاره الحافظ أبو بكر البيهقي ، وحُكي عن أصحاب الحديث مطلقا وحُكي عن جماعة من الصحابة .

واحتج هؤلاء بحديث جابر بن سمرة الذي رواه مسلم : قال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا حديثان حديث جابر وحديث البراء وهذا المذهب أقوى دليلا وإن كان الجمهور على خلافه .

وقد أجاب الجمهور عن هذا الحديث بحديث جابر : كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار , ولكن هذا الحديث عام وحديث الوضوء من لحوم الإبل خاص والخاص مقدم على العام . ” شرح مسلم ” ( 4 / 49 ) .

وقال به من المعاصرين : الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ ابن عثيمين والشيخ الألباني .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد