الحمد لله.
أولا :
ينبغي اختيار الزوجة صاحبة الدين والخلق ؛ التي تحفظ زوجها ، وتصون بيتها ، وتربي أبناءها ، وتسهم في قيام الأسرة المسلمة والمجتمع المسلم ، وهذا ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ) رواه البخاري (4802) ومسلم (1466).
ولا ينبغي التهاون في هذا الأمر ، ولا الانجرار خلف العاطفة ، والانسياق خلف ما يُدعى أنه الحب ، فكم من زواج كان مصيره الفشل ؛ لأنه لم يبْن على قاعدة اختيار ذات الدين .
والإنسان لا يعاقب بفعل غيره ، ولا يحمل إلا وزر نفسه ، كما قال تعالى : (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) الإسراء/15 ، لكن أصهار الإنسان لا ينفك الإنسان عن معاملتهم ، وزيارتهم ، وتأثر أولاده بهم ، ولهذا فاختيار العائلة الكريمة ذات السمعة الطيبة ، أمر له أثره المحمود على الزوج وأهله وأبنائه ، وهو عامل من عوامل استقرار الأسرة ، ونجاحها في اجتياز ما قد يعرض لها من مشاكل لا تنفك عنها البيوت غالبا .
ولهذا فلا نلوم أهلك على رفضهم الارتباط برجل سكير ذي سمعة سيئة ، فإن هذا يسئ إليهم وإلى أحفادهم .
وقضايا الحب والعاطفة ينبغي تقييمها بتعقل وإنصاف وسعة نظر ، فقد يخيل للإنسان أنه لا يستغني عن هذه الفتاة ، ولا يمكنه العيش بدونها ، وأن فيها من الصفات والمزايا كذا وكذا ، ولو أنه تعقل وتدبر لبان له حجم المبالغة في عاطفته ونظرته ، ولهذا ينبغي أن تضع بين يديك موازنة دقيقة تقارن فيها بين حسنات هذه الفتاة وسيئاتها ، ومزايا الارتباط بها وعيوبه ، ثم تبني قرارك على وفق ما يترجح من هذه الموازنة ، دون أن تخدع نفسك ، فإنه لا أحد سيتحمل عاقبة هذا الاختيار أكثر منك .
ثانيا :
إذا ترجح لديك خيار الزواج من هذه الفتاة ، فاسع لإقناع أهلك وأخذ موافقتهم ، فإن الأصل وجوب طاعة الوالدين إذا نهيا عن الزواج بفتاة معينة ؛ لأن برهما واجب ، والزواج بفتاة بعينها لا يجب ، ولا يستثنى من ذلك إلا حالة الخوف على النفس من الزنا بأن يغلب على الظن أن عدم الزواج من امرأة بعينها قد يؤدي إلى الوقوع في الحرام معها .
ثالثا :
ينبغي للأهل ألا يعارضوا زواج الابن إذا تبين تعلق قلبه بفتاة معينة ، مع صلاح هذه الفتاة واستقامتها ، فإن الزواج هو خير علاج لهما ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لم يُرَ
للمتحابَّيْن مثل النكاح ) رواه ابن ماجه ( 1847 ) وصححه البوصيري والألباني في "السلسلة الصحيحة" ( 624 ).
وإذا استحضروا نية الإحسان إلى الفتاة واستنقاذها من أهلها ، فذلك حسن ، لا سيما إذا كانت ستنتقل إلى محل بعيد عنهم ، ولا يتأثر أولادها بالجو الفاسد الذي يحيونه ، فهذا مما يرجح كفة الزواج منها .
رابعا :
لا يخفى أنك أجنبي عن هذه المرأة ، وأنه لا يجوز لك الخلوة بها أو مصافحتها أو النظر إلى محاسنها ، أو الحديث معها عن الحب وما يتصل به ، وإن كان قد جرى شيء من ذلك في الماضي فالواجب هو التوبة إلى الله تعالى من ذلك ، كما تجب التوبة من الدراسة المختلطة التي لا تنفك عن شيء من هذه المحرمات ، ولها آثارها السيئة على الفتى والفتاة معا .
ونوصيك باستشارة من تثق فيه من أهل الخير ممن يعرف الفتاة وأهلها ، وصلاة الاستخارة قبل الإقدام على أي خطوة في هذا المضمار ، فإنه ما خاب من استخار ولا ندم من استشار .
وينظر للفائدة : سؤال رقم (23420) و (84102) .
نسأل الله تعالى أن يهيئ لك من أمرك رشَدا ، وأن يحسن عاقبتك في الأمور كلها .
والله أعلم .
تعليق