الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

يحب فتاة ويرفضها أهله لسوء سمعة والدها

112434

تاريخ النشر : 24-01-2008

المشاهدات : 63208

السؤال

أنا شاب أحب فتاة جارتنا حب جنون حب من زمان ندرس في مدرسة واحدة ونذهب للمدرسة سوياً وكان حبا طاهرا وشريفا والحمد لله وتعاهدنا على الزواج وأنا الآن مغترب وآخر ليلة جمعتنا تعاهدنا وتواعدنا على كتاب الله، وكل منا قال للآخر لن أتزوج احد غيرك، بإذن الله يا شيخ هذا البنت محترمة وتعرف حقوق ربها وتدرس المساء في مدرسة للقران الكريم والفقه والسيرة، بس يا شيخ عندي بعض المشاكل ألا وهي :

1) أن أهلي رافضين زواجي منها وأنا أدري والله أعلم أنهم سيرضون عني بعد الزواج .

2) هذه البنت مظلومة في مجتمع الله يهديهم، والبنت يا شيخ أمها مطلقة من أبيها، وتعيش عند أبيها، وخالتها زوجة أبوها وعمتها أخت أبوها وجدتها أم أبوها،  وهم يظلمونها  في كل شغل البيت والزراعة وكل شيء فأنا أريد أن أنقذ هذه البنت من هذا المجتمع .

3 ) إن والد هذه الفتاة سكير وصاحب أفعال قديمة، وأهلي يرفضون زواجي منها؛ لأجل السمعة فقط، أنا حبيت أنقذ هذه الفتاة من هذا المجتمع وبعدين البنت مش راضية عن أفعال أبيها ؛ لأن أباها عاصي يعني، لماذا نعاقب شخص بأفعال شخص آخر، والله احترت يا شيخ وساعدني وأعطني الرأي السديد رغم أن تركي للفتاة كارثة،  عسى ربي أن يفرجها ويسهل الصعاب، وجزاكم الله عني كل خير.

الجواب

الحمد لله.

أولا :
ينبغي اختيار الزوجة صاحبة الدين والخلق ؛ التي تحفظ زوجها ، وتصون بيتها ، وتربي أبناءها ، وتسهم في قيام الأسرة المسلمة والمجتمع المسلم ، وهذا ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ) رواه البخاري (4802) ومسلم (1466).
ولا ينبغي التهاون في هذا الأمر ، ولا الانجرار خلف العاطفة ، والانسياق خلف ما يُدعى أنه الحب ، فكم من زواج كان مصيره الفشل ؛ لأنه لم يبْن على قاعدة اختيار ذات الدين .
والإنسان لا يعاقب بفعل غيره ، ولا يحمل إلا وزر نفسه ، كما قال تعالى : (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) الإسراء/15 ، لكن أصهار الإنسان لا ينفك الإنسان عن معاملتهم ، وزيارتهم ، وتأثر أولاده بهم ، ولهذا فاختيار العائلة الكريمة ذات السمعة الطيبة ، أمر له أثره المحمود على الزوج وأهله وأبنائه ، وهو عامل من عوامل استقرار الأسرة ، ونجاحها في اجتياز ما قد يعرض لها من مشاكل لا تنفك عنها البيوت غالبا .
ولهذا فلا نلوم أهلك على رفضهم الارتباط برجل سكير ذي سمعة سيئة ، فإن هذا يسئ إليهم وإلى أحفادهم .
وقضايا الحب والعاطفة ينبغي تقييمها بتعقل وإنصاف وسعة نظر ، فقد يخيل للإنسان أنه لا يستغني عن هذه الفتاة ، ولا يمكنه العيش بدونها ، وأن فيها من الصفات والمزايا كذا وكذا ، ولو أنه تعقل وتدبر لبان له حجم المبالغة في عاطفته ونظرته ، ولهذا ينبغي أن تضع بين يديك موازنة دقيقة تقارن فيها بين حسنات هذه الفتاة وسيئاتها ، ومزايا الارتباط بها وعيوبه ، ثم تبني قرارك على وفق ما يترجح من هذه الموازنة ، دون أن تخدع نفسك ، فإنه لا أحد سيتحمل عاقبة هذا الاختيار أكثر منك .
ثانيا :
إذا ترجح لديك خيار الزواج من هذه الفتاة ، فاسع لإقناع أهلك وأخذ موافقتهم ، فإن الأصل وجوب طاعة الوالدين إذا نهيا عن الزواج بفتاة معينة ؛ لأن برهما واجب ، والزواج بفتاة بعينها لا يجب ، ولا يستثنى من ذلك إلا حالة الخوف على النفس من الزنا بأن يغلب على الظن أن عدم الزواج من امرأة بعينها قد يؤدي إلى الوقوع في الحرام معها .
ثالثا :
ينبغي للأهل ألا يعارضوا زواج الابن إذا تبين تعلق قلبه بفتاة معينة ، مع صلاح هذه الفتاة واستقامتها ، فإن الزواج هو خير علاج لهما ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لم يُرَ
للمتحابَّيْن مثل النكاح ) رواه ابن ماجه ( 1847 ) وصححه البوصيري والألباني في "السلسلة الصحيحة" ( 624 ).
وإذا استحضروا نية الإحسان إلى الفتاة واستنقاذها من أهلها ، فذلك حسن ، لا سيما إذا كانت ستنتقل إلى محل بعيد عنهم ، ولا يتأثر أولادها بالجو الفاسد الذي يحيونه ، فهذا مما يرجح كفة الزواج منها .
رابعا :
لا يخفى أنك أجنبي عن هذه المرأة ، وأنه لا يجوز لك الخلوة بها أو مصافحتها أو النظر إلى محاسنها ، أو الحديث معها عن الحب وما يتصل به ، وإن كان قد جرى شيء من ذلك في الماضي فالواجب هو التوبة إلى الله تعالى من ذلك ، كما تجب التوبة من الدراسة المختلطة التي لا تنفك عن شيء من هذه المحرمات ، ولها آثارها السيئة على الفتى والفتاة معا .
ونوصيك باستشارة من تثق فيه من أهل الخير ممن يعرف الفتاة وأهلها ، وصلاة الاستخارة قبل الإقدام على أي خطوة في هذا المضمار ، فإنه ما خاب من استخار ولا ندم من استشار .
وينظر للفائدة : سؤال رقم (23420) و (84102) .
نسأل الله تعالى أن يهيئ لك من أمرك رشَدا ، وأن يحسن عاقبتك في الأمور كلها .
والله أعلم .
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب