الحمد لله.
لا يخفى عليك أن الربا كبيرة من كبائر الذنوب ، وقد جاء فيه من الوعيد العظيم ما لم يأت في غيره من الذنوب ، وتوعد الله مرتكبه بالحرب ، وأخبر نبيه صلى الله عليه وسلم بحلول اللعنة على آكل الربا وموكله ، وفي ذلك ترهيب عظيم من الوقوع في هذا المنكر.
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة/278 ، 279.
وروى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا ، وَمُؤْكِلَهُ ، وَكَاتِبَهُ ، وَشَاهِدَيْهِ ، وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية) رواه أحمد والطبراني ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3375) .
وهذا الربا الملعون فاعله لا تبيحه الحاجة إلى المسكن ، وإنما تبيحه الضرورة ، كما يباح أكل الميتة وشرب الخمر ، فمن أشرف على الهلاك ولم يجد ما يقتاته إلا عن طريق الربا ، جاز له منه بقدر ما يزيل الضرر ، وهذه الضرورة لا تتحقق في مسألتكم ؛ لأنكم تجدون البديل المباح وهو الاستئجار وإن كان مكلفا أو مرهقا لكم ماديا .
وينظر جواب السؤال رقم (8141) ورقم (101080) .
وتأملي كيف يبتلى بعض الناس بارتكاب هذا الأمر العظيم ثم يعيشون في ظلاله وتبعاته عشرين سنة ، فيا له من أمر عظيم ، وجرم كبير .
فنوصيك بالصبر حتى ييسر الله لك الأمر ، ويأتيك بالفرج ، واعلمي أن خزائنه سبحانه ملأى ، وأنه جعل التقوى من أسباب الرزق والعطاء ، فقال : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2 ،3 .
ونحن نقدر ما أنتم فيه من الضيق والكره لذهاب الأرض والعربون ، لكننا لا نستطيع أن نبيح لكم الربا ، وعلى الإنسان أن يتدبر ويتريث قبل الإقدام على شراء ما لا يملك ثمنه .
نسأل الله أن يجعل لكم مخرجا وفرجا .
والله أعلم .
تعليق