الحمد لله.
أولا :
الأحاديث الواردة في الذكر المستحب عند لبس الثوب على نوعين :
النوع الأول : أحاديث تخصص الذكر المستحب عند لبس الثوب الجديد :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال :
( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ ، إِمَّا قَمِيصًا أَوْ عِمَامَةً ، ثُمَّ يَقُولُ :
اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ ، أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ ، أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ )
رواه أبو داود (رقم/4023) وصححه ابن القيم في "زاد المعاد" (2/345)، والألباني في " صحيح أبي داود ".
النوع الثاني : أحاديث مطلقة ، لم تقيد استحباب الذكر عند لبس الثوب " الجديد " فقط ، بل عند لبس أي ثوب :
عن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا الثَّوْبَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ )
رواه أبو داود (رقم/4023)، صححه ابن حجر في " الخصال المكفرة " (74)، والألباني في " صحيح أبي داود " دون لفظة : ( وما تأخر ). وقد بوب البيهقي على الحديث في " شعب الإيمان " (8 / 307) بقوله : " فصل فيما يقول إذا لبس ثوبا " انتهى. هكذا مطلقا من غير تقييد بالجديد .
هذا وفي بعض الكتب التي تنقل الحديث إضافة قيد ( ثوبا جديدا ) والغالب أنها زيادة ليست من أصل هذا الحديث ، فقد تم الرجوع إلى أكثر الكتب الأصلية التي أخرجته فلم يُذكر فيها هذا القيد.
ثانيا :
وبناء على هذا التنوع في الأحاديث فرق العلماء بين هذين الذكرين ، فجعلوا الذكر الأول :
( اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ ، أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ ، أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ ) عند لبس الثوب الجديد .
وجعلوا الذكر الثاني : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا الثَّوْبَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ ) عند لبس أي ثوب ، سواء كان قديما أم جديدا .
هذا ظاهر صنيع الإمام النووي رحمه الله في " الأذكار " (ص/20-21).
وصرح بذلك في موطن آخر ، فقال رحمه الله :
" السنة ...أن يقول إذا لبس ثوبا ...الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة . وإذا لبس جديدا قال : اللهم أنت كسوتنيه ، أسألك خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له " انتهى.
" المجموع " (4/647).
وبه أخذت بعض كتب الأذكار المعاصرة اليوم ، ككتاب " حصن المسلم ".
وإن كان ظاهر صنيع بعض أهل العلم أن استحباب هذه الأذكار إنما يكون عند لبس الثياب الجديدة فقط .
ينظر: " سنن الدارمي" (2/378) ، ونحوه في " الوابل الصيب " (226) ، حيث قال :
"فصل في الذكر الذي يقوله أو يقال له إذا لبس ثوبا جديدا " وأيضا " كشاف القناع" (1/288).
وأما السؤال عن تكرار هذا الذكر مع تعدد قطع الملابس التي يلبسها ، فالأمر واسع إن شاء الله ، وإن كان الأظهر ـ فيما يبدو لنا ـ أنه يقال مرة واحدة للملابس كلها .
والله أعلم .
تعليق