الحمد لله.
يجوز العمل بشركات توزيع البريد والطرود إذا كانت المواد المنقولة مباحة . وأما المواد المحرمة كالخمر والدخان والمستندات الربوية ونحوها فلا يجوز نقلها ولا تسجيلها ولا الإعانة عليها بوجه من الوجوه ؛ لما في ذلك من الإعانة على المعصية . وقد قال الله تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة /2 .
وهذا الحكم منوط بالعلم بوجود المحرّم داخل الطرد ، كأن يُعلم أن داخل الطرد خمر أو دخان ، وأما مع الجهل بما يحويه الطرد فلا حرج في نقله وتنسيق حركته وغير ذلك ، لأن الأصل الإباحة ، إلا أن يكون الغالب في جهة من الجهات هو نقل المحرمات ، فلا يجوز نقل ما جاء من تلك الجهة ، عملا بالغالب .
قال في "كشاف القناع" (3/559) : "ولا يصح الاستئجار على حمل ميتة ونحوها لأكل لغير مضطر ؛ لأنه إعانة على معصية ، فإن كان الحمل لمضطر صحت . ولا يصح الاستئجار على حمل خمر لمن يشربها ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم (لعن حاملها والمحمولة إليه) ولا أجرة له أي لمن استؤجر لشيء محرم مما تقدم" انتهى .
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : أنا أعمل في البريد والمواصلات ، وأعمل سائقا وأوزع الرسائل وغيرها إلى مراكز البريد ، وداخل هذه الأكياس التي تحمل الرسائل وغير ذلك يكون أحيانا في مرات قلائل زجاجات من خمر ، التي تأتي من البلدان الأجنبية ، وأنا لا أعرف بالضبط أين ومتى أحمل هذه الخمور ؛ لأنها تأتي من الخارج مغلقة داخل أكياس ، ولقد علمت ذلك عن طريق صديق لي ، والبريد والمواصلات لها مراكز أخرى في تخصصات أخرى ، مثل : نقل الآلات الهاتفية ، وفرع في اللاسلكية ، وفي نقل شتى الأشياء ، أطلب منكم أن تفتوني : هل أستطيع العمل في عملي بغير حرج ، أو هل أطلب الاستقالة أو أنتقل إلى أي فرع آخر من البريد والمواصلات ، مثل فرع الهاتف وغير ذلك؟
فأجابت : "لا يجوز لك نقل المحرمات التي تأتي بالبريد لأشخاص آخرين إذا علمت بها ؛ لأن في ذلك تعاونا على الإثم ، والله سبحانه يقول : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) وعليك البحث عن عمل آخر ، أو الانتقال عنه إلى مكان ليس به فعل شيء من المحرمات . يسر الله أمرك ، ووفق الجميع لما يرضيه . وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/84) .
وينظر للفائدة جواب سؤال رقم (112902) .
والله أعلم .
تعليق