الحمد لله.
الكفارات تخرج للفقراء والمساكين خاصة ، وهم الذين ليس لديهم من الأموال ما يكفيهم ، فإن كان لديهم ما يكفيهم فلا يجوز إعطاؤهم الكفارة .
قال ابن قدامة رحمه الله في كفارة اليمين :
" َيُعْتَبَرُ فِي الْمَدْفُوعِ إلَيْهِمْ أَرْبَعَةُ أَوْصَافٍ : أَنْ يَكُونُوا مَسَاكِينَ , وَهُمْ الصِّنْفَانِ اللَّذَانِ تُدْفَعُ إلَيْهِمْ الزَّكَاةُ , الْمَذْكُورَانِ فِي أَوَّلِ أَصْنَافِهِمْ , فِي قوله تعالى : ( إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) وَالْفُقَرَاءُ مَسَاكِينُ وَزِيَادَةٌ ; لِكَوْنِ الْفَقِيرِ أَشَدَّ حَاجَةً مِنْ الْمِسْكِينِ , .......... وَلَا يَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى غَيْرِهِمْ , سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ , أَوْ لَمْ يَكُنْ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِهَا لِلْمَسَاكِينِ , وَخَصَّهُمْ بِهَا , فَلَا تُدْفَعُ إلَى غَيْرِهِمْ ... " انتهى .
"المغني" (10/3) .
فإذا كان هؤلاء اليتامى عندهم ما يكفيهم من الصدقات التي يدفعها الناس لهم فليسوا فقراء ولا مساكين فلا يجوز دفع الكفارة إليهم ، وإن كان محتاجين فلا حرج من دفعها إليهم .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
في أحد الأيام حلفت يمينا وعملت الكفارة ، حيث أخذت من السوق عشرة أكياس رز ، كل كيس وزنه كيلو ونصف ، وقمت بتوزيع هذه الأكياس على أيتام لكل شخص منهم كيس ، علما بأن الأيتام لا يدخل عليهم دخل شهري ، وإنما يدخل عليهم الضمان الاجتماعي بنهاية كل عام ، وكذلك بعض الصدقات من أهل الخير . هل الكفارة التي عملتها بهذا الشكل صحيحة ؟
فأجابوا :
" إذا كان حال الأيتام كما ذكرت في السؤال فما فعلته مجزئ إن شاء الله عن الكفارة الواجبة عليك ، وكفارة اليمين فيها تخيير بين الإطعام والكسوة والعتق ، وفيها ترتيب بين هذه الثلاثة وبين الصيام ، فلا يجزئ فيها الصيام إلا لمن عجز عن جميع هذه الثلاثة " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23 /22-23) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
يوجد يتامى يأتيهم زكاة أموال من المسلمين ، وكذلك من الضمان الاجتماعي حتى وصل المال إلى مئة ألف ريال ، فهل عليهم أداء الزكاة بما أنهم أيتام ولا يجدون من يصرف عليهم ؟
فأجاب : " أولا : يجب أن نعلم أن الزكاة ليست للأيتام ، الزكاة للفقراء والمساكين وبقية الأصناف ، واليتيم قد يكون غنيا ، قد يترك له أبوه مالا يغنيه ، وقد يكون له راتب من الضمان الاجتماعي أو غيره يستغني به . ولهذا نقول : يجب على ولي اليتيم ألا يقبل الزكاة إذا كان عند اليتيم ما يغنيه .
أما الصدقة فإنها مستحبة على اليتامى وإن كانوا أغنياء .
ثانيا : وإذا اجتمع عند اليتامى مال فإن الزكاة واجبة فيه ؛ لأنه لا يشترط في الزكاة البلوغ ولا العقل ، فتجب الزكاة في مال الصبي وفي مال المجنون " انتهى .
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (13 /1551) .
والله أعلم .
تعليق