الحمد لله.
روى أبو داود (3904) والترمذي (135) وابن ماجة (639) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
وهذا الكفر الوارد فيمن أتى حائضاً أو امرأة في دبرها ليس كفراً أكبر مخرجاً عن الملة ، ولكنه كفر دون كفر ، أي : كفر أصغر .
قال الترمذي عقب الحديث السابق : " وَإِنَّمَا مَعْنَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى التَّغْلِيظِ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَتَى حَائِضًا فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ ) فَلَوْ كَانَ إِتْيَانُ الْحَائِضِ كُفْرًا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِالْكَفَّارَةِ " انتهى .
وقال في "تحفة الأحوذي" :
" الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّغْلِيظِ وَالتَّشْدِيدِ كَمَا قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ ، وَقِيلَ : إِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْإِتْيَانَ بِاسْتِحْلَالٍ وَتَصْدِيقٍ ، فَالْكُفْرُ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَإِنْ كَانَ بِدُونِهِمَا فَهُوَ عَلَى كُفْرَانِ النِّعْمَةِ " انتهى .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" فأما الكفر فنوعان : كفر أكبر وكفر أصغر ، فالكفر الأكبر : هو الموجب للخلود في النار ، والأصغر : موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( اثنتان في أمتي هما بهم كفر : الطعن في النسب والنياحة ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من أتى امرأة في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد )" انتهى .
"مدارج السالكين" (1 /335-336) .
وتشبيه السائل هذا الحديث بقول النبي صلى الله عليه وسلم في تارك الصلاة : ( فمن تركها فقد كفر ) تشبيه غير صحيح ، فالصحيح من أقول العلماء أن ترك الصلاة كفر مخرج من الملة . وانظر جواب السؤال رقم : (5208) ، (9400) ، (104412) .
والله أعلم .
تعليق