الحمد لله.
أولا :
لم يرد في السنة النبوية أن هناك سورا معينة ، أو آيات مخصوصة ، أو أذكارًا محددة إذا قرأها الأحياء على الأموات كان لها أثر في التثبيت عند السؤال في البرزخ ، أو وقاية الميت من عذاب القبر ، وأعظم ما ينتفع به الميت في هذا المقام ، من عمل الأحياء : دعاؤهم واستغفارهم له.
وقد سبق في موقعنا ذكر العديد من الإجابات التي تبين ضعف جميع ما ورد في فضل قراءة سورة " يس " خاصة ، فإن بعض الناس يعتقدون لهذه السورة أثرا خاصا في التخفيف عن الميت في قبره ، فيقرؤونها بعد الدفن على القبر ، في حين أن ذلك لم يثبت في السنة النبوية ، فيرجى مراجعة الأجوبة ذوات الأرقام الآتية : (6460) ، (82800) ، (75894) ، (72201).
ثانيا :
الليلة في عرف العرب والشريعة الإسلامية تتبع اليوم الذي بعدها ، وليس اليوم الذي
قبلها ، والشواهد على ذلك كثيرة ، لكن أظهرها ما يراه الناس في مواسم العبادات ،
فمثلا :
1- رؤية هلال رمضان تعني دخول الشهر الفضيل ، وتلاحظ أن تلك الليلة تعتبر من رمضان
، ويصلي فيها المسلمون صلاة التراويح .
2- رؤية هلال عيد الفطر تعني انتهاء رمضان ودخول شهر شوال ، فيترك المسلمون في تلك
الليلة صلاة التراويح .
فإذا جاء في النص الشرعي ذكر ليلة الجمعة ، أو ليلة العيد ، أو غيرها : فالمقصود
بها الليلة في العرف الشرعي السابق .
وهكذا الأمر بالنسبة لليلة القدر ، وقد ورد حديث صحيح صريح يدل على أن الصبح تابع
لليلة التي قبله ، وهو حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : ( أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ
رَمَضَانَ ، فَاعْتَكَفَ عَامًا ، حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ
، وَهِىَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا مِنِ اعْتِكَافِهِ قَالَ
: مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ ، وَقَدْ
أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا ، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي
مَاءٍ وَطِينٍ مِنْ صَبِيحَتِهَا ، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ ،
وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ . فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ،
وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ ، فَبَصُرَتْ عَيْنَاي
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جَبْهَتِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ ،
مِنْ صُبْحِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ )
رواه البخاري (2027) ومسلم (1167)
فتأمل قوله : ( يخرج من صبيحتها )، وقوله : ( من صبح إحدى وعشرين ) لتستدل على أن
الصبح تابع لليلة الفائتة .
يقول الإمام القرطبي رحمه الله – في تفسير قوله تعالى : (وَوَاعَدْنَا مُوسَى
ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ
أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) الأعراف/142 -:
" دلت الآية أيضا على أن التاريخ يكون بالليالي دون الأيام ، لقوله تعالى : (
ثَلاثِينَ لَيْلَةً )؛ لأن الليالي أوائل الشهور ، وبها كانت الصحابة رضي الله عنهم
تخبر عن الأيام ، حتى روي عنها أنها كانت تقول : صمنا خمسا مع رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، والعجم تخالف في ذلك فتحسب بالأيام ؛ لأن معولها على
الشمس " انتهى من " الجامع لأحكام القرآن " (7/267)
ثالثا :
بهذا يتبين أن من توفي الساعة الواحدة صباح السبت ، فقد توفي في عرف الشرع " ليلة
السبت "، وليس " ليلة الجمعة "، فلا يشمله حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا :
( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلَّا
وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ ) رواه الترمذي (1074) وحسنه الألباني في "
صحيح الترمذي " .
هذا ، مع أن أن هذا الحديث مختلف في تصحيحه وتضعيفه بين علماء الحديث ، والأكثرون
على ضعفه .
للتوسع في تخريجه يرجى مراجعة الرابط الآتي :
http://www.alukah.net/publications_Competitions/1008/38/
والله أعلم .
تعليق