الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل الأفضل لها أن تتزوج أم تسخر حياتها لوالديها الكبيرين

السؤال

ما هو الأفضل لمسلمة تبلغ من العمر 21 عاما، أن تتزوج أم تسخر حياتها لوالديها الكبيرين وأخويها اللذين لا يزالان صغيرين ويحتاجان دعمها المالي في تعليمهما؟ جزاكم الله خيرا .

الجواب

الحمد لله.


لا شك أن بر الوالدين من أعظم أبواب الخير ، ومن أوسع أبواب الجنة :
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ( سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ الصَّلَاةُ عَلَى مِيقَاتِهَا . قُلْتُ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ . قُلْتُ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) رواه البخاري (2782) ومسلم (85) .
وينظر جواب السؤال رقم : (145627) .
وإذا كان بر الوالدين بابا من أوسع أبواب الجنة ، ونيل رضا الله تعالى ؛ فلا شك أن إعفاف النفس وإحصانها هو أيضا من أهم ما يعتني المرء بالحرص عليه ، لا سيما إذا كان في سن الشباب ، وحيث تكثر الفتن ، ويخشى المرء على نفسه .
والذي يظهر ، وتدل عليه تجارب كثيرة أنه لا تعارض بين الأمرين اللذين ذكرا هنا في السؤال ؛ بل من الممكن جدا أن يجمع الإنسان بينهما .
فرعاية الوالدين ، فيما يحتاجان إليه ، وبرهما وصلتهما : لا تحتاج منك ـ أيتها السائلة الكريمة ـ أن تسخري حياتك لذلك الغرض ، ولا أن تتركي فرصة الزواج تفوت منك ، وأنت في سن الشباب ؛ كل ما هنالك أن تنظري إلى طبيعة الحاجة التي يحتاجها والداك منك ؛ فإن كانا يحتاجان لخدمتك ، ولا يمكنهما القيام بأمر أنفسهما ، ولا يستطيع إخوتك الصغار أن يقوموا بذلك ؛ فكل ما هو مطلوب منك أن تختاري الزوج الذي يسمح لك بذلك ؛ فبدلا من أن تقبلي زوجا ينقلك عن بلدك : اختاري زوجا في نفس البلدة التي تسكنون فيها ، وكلما كان منزله أقرب لوالديك ، كان أولى وأفضل ، ليسهل عليك أن تمري عليهما كلما احتاجا إلى ذلك ، وأن تقومي بشأنهما ، وأن تختاري زوجا كريما أريحي الطبع ، يعينك على ذلك ، ولا يمنعك منه .
هذا مع أن ترتيب شؤونهما قد لا يحتاج ـ في أحيان كثيرة ـ إلى مرور يومي عليهما ، حتى وإن كانا كبيرين .
وعلى كل حال ، فهذه تفاصيل يمكن تدبيرها - فيما يظهر لنا - بيسر إن شاء الله .
وإن كانا يحتاجان إلى معونة مالية ، لهما ، أو لأخويك ؛ فهذا إنما يكون بقدر ما تستطيعين ؛ فإن كنت عاملة ، فلك أن تعطي أسرتك شيئا من راتبك أو أجرتك ، ولك أن تشترطي على زوجك ألا يمنعك من العمل ، أو لا يمنعك من مساعدة أسرتك .
وإذا قدر أن معونتك لهما بعد الزواج قد قلت ، فلعل الله أن يفتح لهما من أبواب الرزق والخير ما يعوض ذلك .
وإذا لم يكن بمقدورهما تعليم أخويك الصغيرين ، ولو من مساعدات تأتيهما من غيرك ، فالذي يظهر أن مصلحة زواجك ، وإعفاف نفسك ، مقدمة على مساعدة أخويك في تعليمهما .
واعلمي أن الله تعالى في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ، فكيف إذا كنت حريصة على عون أبويك وأخويك ؛ فالظن في الله تعالى ألا يحرمك من عونه وتوفيقه ، وأن يجعل لك من كل هَمٍّ فرجا ، ومن كل ضيق مخرجا . قال الله تعالى : (يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) الطلاق/2 - 3 .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب